قال ابن عباس: أي: " نكال موجع" (?).
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: من ادعى مالاً، فأقام عليه شاهداً، أو ادعي عليه مال، فكانت عليه يمين، ئظِرَ في قيمة المال، فإن كان عشرين ديناراً فصاعداً، وكان الحكم بمكة: أحْلِف بين المقام والبيت على ما يَدّعى، ويُدعى عليه، وإن كان بالمدينة حُلف على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن كان ببلد غير مكة والمدينة، أخلِفَ على عشرين ديناراً، أو على العظيم من الدم والجراح، بعد العصر في مسجد ذلك البلد ويتلى عليه: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} الآية" (?).
عن عباد بن منصور قال: "سألت الحسن عن قوله: {أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}، فقال: هؤلاء أقوام باعوا خلاقهم بالدنيا فقال: أنبأكم الله كيف يصنع بهم" (?).
الفوائد:
1 - تهديد هؤلاء الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، وينصب هذا على العلماء الذين يكتمون ما انزل الله مداهنة أو مراعاة أو من اجل مال، وقد عهد الله إلى العلما أن يبيّنوا العلم، والعلماء ثلاثة أصناف: عالم امة، وعالم دولة، وعالم ملة. فعالم الملة: هو الي لا يشتري بعهد الله ثمنا قليلا، بل يبين للملة ولايبالي. وأمت عالم الدولة فيشتري بآيات الله ثمنا قليلا ليكون له جاه عند الدولة، وربما ليعطي مالا، واما عالم الأمة: فهو ال 1 ي يراعي الامة، فينظر ماذا تشتهي عامة الناس (أي الأمة)، فيفتي به أو يقول به، وما لا تشتهيه الأمة يسكت عنه.
2 - تحريم اليمين الغموس، وهو من كبائر الذنوب.
3 - أن من وفى بعهده وحلف على صدق، فإنه لا يحرم نصيبه من خيرات الآخرة.
4 - إثبات الآخرة.
5 - ينبغي للإنسان أن تكون الآخرة هي هدفه، ومغزاه، ومراده، فقد يكون للانسان نصيب في الدنيا ولكن لا خير فيه.
6 - إن من أعظم العقوبات في الآخرة: أن الله لا يكلم هؤلاء عقوبة لهم، ولهذا كان النظر إلى وجه الله من أفضل الثواب واعظمه وأعلاه بل هو غاية الثواب والفضل.
7 - أن هؤلاء الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا لاينظر اليهم الله يوم القيامة، والمراد به النظر الخاص، اما النظر العام فإن الله لا يحجب عن بصره شيء.
8 - إثبات العذاب، وقد يكون العذاب في الدنيا وقد يكون في الآخرة، فالكائن في الدنيا قد يكون بفعل الله وقدي يكون بفعل عباد الله.
القرآن
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78)} [آل عمران: 78]
التفسير:
وإن مِن اليهود لَجماعةً يحرفون الكلام عن مواضعه، ويبدلون كلام الله; ليوهموا غيرهم أن هذا من الكلام المنزل، وهو التوراة، وما هو منها في شيء، ويقولون: هذا من عند الله أوحاه الله إلى نبيه موسى، وما هو من عند الله، وهم لأجل دنياهم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون.
في سبب نزول الآية أقوال:
أحدها: نقل الثعلبي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس: "إنّ الآية نزلت في اليهود والنّصارى جميعا والذين هم حرّفوا التوراة والإنجيل، وضربوا كتاب الله بعضه ببعض وألحقوا به ما ليس منه فأسقطوا منه الدين الحنفي، فبيّن الله تعالى كذبهم للمؤمنين" (?).