الإضافة إنما هو التعريف والتخصيص، والمضمر على نهاية الاختصاص، فلا حاجة به إلى الإضافة" (?).
والثاني: أنها كلمة واحدة كُنِّيَ بها عن اسم الله تعالى، وليس فيها إضافة لأن المضمر لا يضاف، وهذا قول الأخفش (?)، وحكاه ابن كيسان عن بعض النحويين (?)، واختاره ابن جني (?).
قال الزمخشري: " وهو مذهب الأخفش وعليه المحققون، وأما ما حكاه الخليل عن بعض العرب: «إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب» فشيء شاذ لا يعوّل عليه" (?).
قال الراغب الأصفهاني: " والقولان لا تنافي بينهما في الحقيقة، لأن ذلك بنظرين مختلفين، وذاك أن الضمير المتصل إذا قدم أو فصل بينه وبين المتصل به لا يحسن النطق به مفرداً، فضم إليه: " إيا " ليصير بذلك كلاماً مستقلاً، فمن قال: الضمير هو الكاف، فإنما اعتبر بذلك بعد انضمام " إيا " إلى الضمير، والعرب كما أنهم يتحرون بالحروف المركبة إفادة المعنى، فقد يأتون ببعضها تهذيباً للفظ وتحسيناً له، بدلالة إدخالهم الحروف بين الحرفين المتنافرين في التركيب، لئلا يقبح التفوه بهما" (?).
وفي قوله تعالى: {نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5]، ثلاثة تأويلات (?):
أحدها: أن العبادة الخضوع، ولا يستحقها إلا الله تعالى، لأنها أعلى مراتب الخضوع، فلا
يستحقها إلا المنعم بأعظم النعم، كالحياة والعقل والسمع والبصر.
والثاني: أن العبادة الطاعة.
والثالث: أنها التقرب بالطاعة.
قال الماوردي: " والأول أظهرها، لأن النصارى عبدت عيسى عليه السلام، ولم تطعه بالعبادة، والنبي- صلى الله عليه وسلم- مطاع، وليس بمعبودٍ بالطاعة" (?).
قال الراغب: " إن قيل: كيف قال: " إياك " نعبد ولو قال: " نعبدك " كان أوجز منه لفظاً؟ قيل: إن عادتهم أن يقدموا من الفاعل والمفعول ما القصد الأول إليه، والاهتمام متوجه نحوه، وإن كان في ذكر الجملة القصدان جميعاً.
تقول: بالأمير استخف الجند - إذا كان القصد الأول ذكر من وقع به استخفاف الجند - و " الأمير أستخف بالجند - إذا كان القصد الأول إلى من أقدم على الاستخفاف بهم.
ولما كان القصد الأول - في هذا الموضع - ذكر المعبود دون الإخبار عن إتخاذ عبادتهم، كان تقديم ذكره أولى.