يكون ملك الشيء وهو لا يملكه كقولهم: (ملك العرب والعجم)، ولأنه يجمع الفعل والاسم (?)، ولأن معنى الآية أنه يملك الحكم يوم الدين بين خلقه دون غيره، فالوصف يكون مالكا (?).
القراءة الثانية: {مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، بغير ألف. قرأ بها الباقون.
وحجتهم (?):
أولا: قوله تعالى: {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: 2]، وقوله: {الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ} [الحشر: 23، والجمعة: 1]، وقوله: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ} [طه: 114، والمؤمنون: 116].
والثاني: أن (الملك) أخص من (المالك) وأمدح؛ لأنه قد يكون المالك غير ملك، ولا يكون الملك إلا مالكا.
قال أبوبكر البغدادي: "قال أبو حمدون عن اليزيدي عن أبي عمرو: " {ملك} يجمع مالكا، و {مالك} لا يجمع ملكا" (?).
والثالث: أن قوله {مالك يوم الدين}، إنما هو ذلك اليوم بعينه، في حين أن {ملك يوم الدين}، ملك ذلك اليوم بما فيه.
وتفسير الآية على هذا الوجه من القراءة: أن "لله المُلْك يوم الدين خالصًا دون جميع خلقه، الذين كانوا قبل ذلك في الدنيا ملوكًا جبابرة ينازعونه الملك، ويدافعونه الانفرادَ بالكبرياء والعظمة والسلطان والجبرية، فأيقنوا بلقاء الله يوم الدين أنهم الصَّغَرة الأذِلّة، وأنّ له - من دُونهم، ودون غيرهم - المُلك والكبرياء، والعزة والبهاء، كما قال جلّ ذكره وتقدست أسماؤه في تنزيله: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [سورة غافر: 16]. فأخبر تعالى ذكره أنه المنفرد يومئذ بالمُلك دون ملوك الدنيا، الذين صارُوا يوم الدّين منْ مُلكهم إلى ذِلّة وصَغار، ومن دُنياهم في المعاد إلى خسار" (?).
واختار البيضاوي القراءة الثانية، حيث قال: " وهو المختار، لأنه قراءة أهل الحرمين ولقوله تعالى: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ} [غافر: 16]، ولما فيه من التعظيم، والمالك هو المتصرف في الأعيان المملوكة كيف يشاء من الملك، والملك هو المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين من الملك" (?).
قال الواحدي: " (الملك) أشمل وأتم؛ لأنه قد يكون مالك ولا ملك له، ولا يكون مَلِك إلى وله مُلك، ولأنه لا يقال: مالك على الإطلاق، حتى يضاف إلى شيء، ويقال: ملك على الإطلاق" (?).
كما وقد اختار الإمام الطبري القراءة الثانية، إذ يقول: وأولى التأويلين بالآية قراءةُ من قرأ {مَلِكِ} بمعنى (المُلك)، لأن في الإقرار له بالانفراد بالمُلك، إيجابًا لانفراده بالمِلْك، وفضيلة