قوله تعالى: {وَحَصُورًا} [آل عمران: 39]، "أي: ويحبس نفسه عن الشهوات عفةَ وزهداً " (?).
قال مقاتل: " والحصور الذي لا حاجة له في النساء" (?).
قال الطبري: " يعني بذلك: ممتنعًا من جماع النساء" (?).
قال الزجاج: أي لا يأتي النَساءَ، وإنما قيل للذي لا يأتي النَساءَ حصور لأنه حُبِسَ عما يكون من الرجال، كما يقال في الذي لا يتيسر له الكلام قد حُصِرَ في منطقه" (?).
قال الفراء: " يقال: إن الحصور: الذي لا يأتي النساء" (?).
قال الشافعي: " وذكر - اللَّه - عبداً كرمه، فقال: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا} الآية، والحصور: الذي لا يأتي النساء، ولم يندبه إلى النكاحْ، فدلَّ ذلك - واللَّه أعلم - على أن المندوب إليه من يحتاج إليه، ممن يكون مُحصناً له عن المحارم والمعاني التي في النكاح" (?).
قال المبرد" الحصور الذي لا يدخل في اللعب والعبث والأباطيل، وأصله من قول العرب الذي لا يدخل في الميسر: حصور" (?)، ومنه قول الأخطل (?):
وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالكَأْسِ نَادَمَنِي ... لا بِالَحصُورِ وَلا فِيهَا بِسَوَّارِ
ويقال أيضًا للذي لا يخرج سره ويكتمه "حصور"، لأنه يمنع سره أن يظهر، كما قال جرير (?):
وَلَقَدْ تَسَاقَطَنِي الوُشَاةُ، فَصَادَفُوا ... حَصِرًا بِسِرِّكِ يَا أُمَيْمَ ضَنِينَا
فاستعير لمن لا يدخل في اللعب واللهو.
قال الزمخشري: " والحصور: الذي لا يقرب النساء حصرا لنفسه أي منعا لها من الشهوات، وقيل هو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر ... فاستعير لمن لا يدخل في اللعب واللهو. وقد روى أنه مر وهو طفل بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال: ما للعب خلقت" (?).
قال الزجاج: "والحصير هذا المرمُول الذي يُجلس عليه، إنما سمي حصيراً، لأنه دوخل بعضه في بعض في النسيج أي حبس بعضه على بعض، ويقال للسجْن الحصير لأنَّ الناس يُحصرون فيه، ويقال حصرت الرجلَ إذا حبسته، وأحصره المرض إِذا منعه من السير، (والحصير الملك)، وقول اللَّه - جل وعلا: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8]، أي حبسا، ويقال أصاب فلاناً حَصَرٌ، إِذا احتبس عليه بطنه، ويقال في البول أصابه أسر إذا احتبس عليه بوله" (?).
وفي قوله: {وَحَصُوراً} [آل عمران: 39] ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الحصور هو الذي لا ينزل الماء، وهو قول ابن عباس (?).
وقال الضحاك ومقاتل: "الذي لا ماء له" (?)، وفي لفظ آخر للضحاك: "الذي لايولد له ولا ماء له" (?).
وروي عن أبي العالية والربيع قالا: " الذي لايولد له" (?).