إلى طلب الولد واحتاج إليه لكبر سنه، ولأن يرث منه ومن آل يعقوب، كما قصه تعالى في سورة مريم، ولم يمنعه من طلب كون امرأته عاقرا، إذ رأى من حال مريم أمرا خارجا عن العادة، فلا يبعد أن يرزقه الله ولدا مع كون امرأته كانت عاقرا، إذ كانت حنة قد رزقت مريم بعد ما أيست من الولد" (?).
قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [آل عمران: 38]، أي: قال: ربي "أعطني من عندك ولداً صالحاً" (?).
قال السدي: " {ذرية طيبة}، يقول: مباركة" (?).
قال الطبري: أي: " رب هب لي من عندك ولدًا مباركًا" (?).
قوله تعالى: {إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، أي: "إنك مجيب الدعاء" (?).
قال الماوردي: " أي تجيب الدعاء، لأن إجابة الدعاء بعد سماعه" (?).
الفوائد:
1 - أن جميع الخلق حتى الأنبياء مفتقرون إلى الله تعالى، لقوله: {دعا زكريا ربه}.
2 - إثبات القياس، لأن زكريا-عليه السلام- لما هذه الكرامة لمريم، أخذ هذا الموقف عبرة وهو أن يسأل الله امرا وإن كان الأمر مستبعدا.
3 - أن الصيغة التي يتوسل بها غالبا في الدعاء هي اسم "الرب"، لقوله: {ربّه}.
4 - عدم جواز سؤال مطلق الذرية، لقوله: {ذرية طيبة}. أي صالحة.
5 - الأخذ بالأسباب للحصول على الذرية الطيبة، ومنها الدعاء، بل وهو من اكبر الأسباب.
6 - التوسل إلى الله تعالى باسمائه المناسبة للحاجة، لقوله: {إنك سميع الدعاء}، أي: مجيبه.
7 - ومن فوائد الآية: إثبات سمع الله وكرم الله وقدرته.
القرآن
{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)} [آل عمران: 39]
التفسير:
فنادته الملائكة وهو واقف بين يدي الله في مكان صلاته يدعوه: أن الله يخبرك بخبر يسرُّك، وهو أنك سترزق بولد اسمه يحيى، يُصَدِّق بكلمة من الله -وهو عيسى بن مريم عليه السلام-، ويكون يحيى سيدًا في قومه، له المكانة والمنزلة العالية، وحصورًا لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة، ويكون نبيّاً من الصالحين الذين بلغوا في الصَّلاح ذروته.
قوله تعالى: {فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ} [آل عرمان: 39]، " أي ناداه جبريل حال كون زكريا قائماً في الصلاة" (?).
قال ابن كثير: " أي: خاطبته الملائكة شفاها خطابًا أسمعته، وهو قائم يصلي في محراب عبادته، ومحل خَلْوَته، ومجلس مناجاته، وصلاته" (?).
قال مقاتل: " فبينما هو يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا برجل عليه بياض حياله وهو جبريل- عليه السلام- فقال: أن الله يبشرك بيحيى اشتق يحيى من أسماء الله- عز وجل-" (?).