عَجِلْتُمْ عَلَيْنَا عَجْلَتَيْنَا عَلَيْكُمُ ... وَمَا يَشَإ الرحْمَنُ يَعْقِدْ وَيُطْلِقِ
وقال الواحدي: " ومراد أبي العباس (?) أن الرحمن يتكلم به بالعبرانية، وتتكلم به العرب، فلما لم يخلص في كلامهم، ولم ينفردوا به دون غيرهم، أتى بعده بالرحيم الذي لا يكون إلى عربيا، ولا يلتبس بلغة غيرهم" (?)
القول الثاني: أن (الرحمن) اسم عربي كالرحيم لامتزاج حروفهما، وقد ظهر ذلك في كلام العرب، وجاءت به أشعارهم، قال الشنفري (?):
أَلا ضَرَبَتْ تِلْكَ الْفَتَاةُ هَجِينَهَا ... أَلا ضَرَبَ الرًّحْمنُ رَبِّي يَمِينَهَا
والراجح-والله أعلم-: "أنه مشتق من الرحمة، وأنه اسم عربي لوجود هذا البناء في كلامهم، كاللهفان والندمان والغضبان" (?).
قال الليث: " {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} اسمان، اشتقاقهما من (الرحمة) " (?).
وقال أبو عبيدة: "هما صفتان لله تعالى، معناهما ذو الرحمة" (?).
قال الواحدي: " وأما ما احتج به أبو العباس من قوله: {وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: 60] فهو سؤال عن الصفة، ولذلك قالوا: {وَمَا الرَّحْمَنُ}، ولم يقولوا: ومن، والقوم جهلوا صفته، والاسم كان معلوما لهم في الجملة، وقيل: هذا على جهة ترك التعظيم منهم" (?).
وقال ابن عطية: "وإنما وقفت العرب على تعيين الإله الذي أمروا بالسجود له، لا على نفس اللفظة" (?).
قال الماوردي: " فإذا كانا اسمين عربيين فهما مشتقان من (الرحمة)، والرحمة هي النعمة على المحتاج، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، يعني نعمةً عليهم، وإنما سميت النعمةُ رحمةً لحدوثها عن الرحمة، والرحمن أشدُّ مبالغةً من الرحيم، لأن الرحمن يتعدى لفظه ومعناه، والرحيم لا يتعدى لفظه، وإنما يتعدى معناه، ولذلك سمي قوم بالرحيم، ولم يتَسَمَّ أحدٌ بالرحمن، وكانت الجاهليةُ تُسمِّي اللهَ تعالى به وعليه بيت الشنفرى، ثم إن مسيلمة الكذاب تسمَّى بالرحمن، واقتطعه من أسماء الله تعالى، قال عطاء: فلذلك قرنه الله تعالى بالرحيم، لأن أحداً لم يتسمَّ بالرحمن الرحيم ليفصل اسمه عن اسم غيره،