{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8)} [آل عمران: 8]
التفسير:
ويقولون: يا ربنا لا تَصْرِف قلوبنا عن الإيمان بك بعد أن مننت علينا بالهداية لدينك، وامنحنا من فضلك رحمة واسعة، إنك أنت الوهاب: كثير الفضل والعطاء، تعطي مَن تشاء بغير حساب.
قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا} [آل عمران: 8]، " أي: لا تملها عن الهدى بعد إذ أقمتها عليه" (?).
قال محمد بن إسحاق: " أي: لا تمل قلوبنا وإن ملنا بأحداثنا" (?)، "بعد ما بصرتنا من الهدى فيما جاء به أهل البدعة والضلالة" (?).
قال مقاتل: " يعني: لا تحول قلوبنا عن الهدى بعد ما هديتنا كما أزغت اليهود عن الهدى" (?).
قال الزجاج: " أي لا تمِلْها عن الهدى والقَصْد، أي لا تضلَّنَا بعد إذ هديتنا، وقيل أيضاً: {لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا}: لا تَتَعبَّدْنا بما يكون سبباً لزيغ قلوبنا وكلاهما جيد" (?).
قال الزمخشري: " لا تبلنا ببلايا تزيغ فيها قلوبنا (?) [بعد إذ] أرشدتنا لدينك، أو لا تمنعنا ألطافك بعد إذ لطفت بنا" (?).
قال السعدي: " أي: لا تملها عن الحق جهلا وعنادا منا، بل اجعلنا مستقيمين هادين مهتدين، فثبتنا على هدايتك وعافنا مما ابتليت به الزائغين" (?).
قال القاسمي: أي: " ولا تجعلها كالذين في قلوبهم زيغ، الذين يتبعون ما تشابه من القرآن، ولكن ثبتنا على صراطك المستقيم" (?).
وقرئ: " {لا تزغ قلوبنا}، بالتاء والياء ورفع {القلوب} " (?).
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: " "يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك" ثم قرأ: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} " (?).
قوله تعالى: {وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} [آل عمران: 8]، أي: امنحنا من فضلك وكرمك رحمةً تثبتنا بها على دينك الحق" (?).
قال ابن كثير: " أي: من عندك {رَحْمَةً} تثبت بها قلوبنا، وتجمع بها شملنا، وتزيدنا بها إيمانًا وإيقانًا" (?).
قال السعدي: " أي: عظيمة توفقنا بها للخيرات وتعصمنا بها من المنكرات" (?).
قوله تعالى: {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8]، أي: " كثير النعم والإفضال، جزيل العطايا والنوال" (?).
قال السعدي: " أي: واسع العطايا والهبات، كثير الإحسان الذي عم جودك جميع البريات" (?).