وفي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ} [آل عمران: 4]، وجهان من التفسير (?):

أحدهما: بدلائله وحججه.

والثاني: بآيات القرآن، قال ابن عباس: "يريد وفد نجران حين قَدِموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لمحاجّته" (?).

والراجح أنه"عام داخل فيه من نزلت الآيات بسببهم، وهم نصارى وفد نجران" (?).

قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ} [آل عمران: 5]، " أي غالب على أمره لا يُغلب، منتقم ممن عصاه" (?).

قال الواحدي: " أي: [ينتقم] ممن كفر به، لأن ذكر الكافرين جرى ههنا" (?).

قال القاسمي: " وَاللَّهُ عَزِيزٌ لا يغالب يفعل ما يشاء ذُو انْتِقامٍ أي معاقبة" (?).

قال محمد بن جعفر: " أي: إن الله منتقم ممن كفرَ بآياته بعد علمه بها، ومعرفته بما جاء منه فيها" (?).

قال ابن عطية: " والنقمة والانتقام، معاقبة المذنب بمبالغة في ذلك" (?).

قال البيضاوي: " وَاللَّهُ عَزِيزٌ غالب لا يمنع من التعذيب. ذُو انْتِقامٍ لا يقدر على مثله منتقم، والنقمة عقوبة المجرم ... وهو وعيد جيء به بعد تقرير التوحيد والإشارة إلى ما هو العمدة في إثبات النبوة تعظيماً للأمر، وزجراً عن الإعراض عنه" (?).

قال الزمخشري: " انتقام شديد لا يقدر على مثله منتقم" (?).

وفي قوله تعالى: {وَاللهُ عَزِيزٌ} [آل عمران: 4] وجهان (?):

أحدهما: في امتناعه.

الثاني: في قدرته.

الفوائد:

1 - إثبات الحكمة لله تعالى في احكامه الشرعية كما تثبت في احكامه الكونية، لقوله: {هدى للناس}.

2 - أن هداية القرآن نوعان: عامة بمعنى الدلالة عامة، مثل قوله تعالى: {هدى للناس}، وهداية خاصة بمعنى التوفيق والاهتداء، مثل قوله تعالى: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2].

3 - أن الكتب كلها فرقان تتضمن الفرق بين الحق والباطل، وبين الصدق والكذب، وبين المرمن والكافر، وبين الضار والنافع، فإن الكتب تفرقه.

4 - بيان عقوبة الكافر وهي العذاب الشديد، وذكر عقوبة الكافر تستلزم التحذير من الكفر.

5 - الإشارة إلى أن الناس ينقسمون إلى قسمين: كافر له العذاب الشديد، ومؤمن له الثواب الجزيل، لأنه إذا ذكر عقوبة الضد، فإن ضده تثبت له ضد تلك العقوبة.

6 - إثبات اسم من أسماء الله، وهو {العزيز}، أي ذو عزة، وهي ثلاثة أصناف:

أ-عزة القدر، بمعنى أن الله ذو قدر شريف عظيم، قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-"السيد الله" (?)، فهذه عزة القدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015