والوسع: "اسم لما يسع الإنسان ولا يضيق عنه" (?).
قال الفراء: (والوسع): "اسم في مثل معنى الوجد والجهد. ومن قال في مثل الوجد: الوجد، وفي مثل الجهد: الجهد قال في مثله من الكلام: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، ولو قيل: (وَسِعَها) لكان جائزا، ولم نسمعه" (?).
وقد تعددت أقوال السادة أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، على وجوه:
أحدها: ما أخرجه الطبري: " عن ابن عباس قوله: " {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، قال: هم المؤمنون، وسع الله عليهم أمر دينهم، فقال الله جل ثناؤه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [سورة البقرة: 185]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن: 16] " (?). وروي عن الحسن (?) مثل ذلك.
قال الواحدي: " وهذا أحسن ما قيل في تفسير هذه الآية، وذلك أن الوُسع دون الطاقة، والله تعالى كلفنا دون طاقتنا تفضلًا منه" (?).
والثاني: وقيل: "وسعها، طاقتها، وكان حديث النفس مما لم يطيقوا". قاله السدي (?).
والثالث: ما أخرجه ابن أبي حاتم: "عن سفيان: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}، قال: في شأن النفقة إلا ما استطاعت" (?).
قلت: وتلك المعاني متقاربة، تدور حول تفضله سبحانه وتعالى على عباده ألا يكلف نفساً إلا وسعها.
كما وذكر أهل التفسير في معنى قوله تعالى: {إِلَّا وُسْعَهَا} [االبقرة: 286]، وجوها:
أحدها: {إلا وسعها}: أي: "إلا ما عملت لها". قاله الشعبي (?).
والثاني: يعني: "لم يكلفوا من العمل ما لم يطيقوا". قاله كعب القرظي (?)، وروي عن ابن حيان وأبي مالك والسدي وقتادة وزيد بن أسلم، نحو ذلك (?).
والثالث: وقيل يعني: في نفقة الرجل على أهله، ليس لها إلا ما وجد. روي نحوه عن عمر بن عبدالعزيز (?).