قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} [االبقرة: 286]، "أي: لا يحملها إلا ما تسعه وتطيقه ولا تعجز عنه" (?).

قال الزجاج: " أي إلا قدرَ طَاقَتها، لا يكلفها فَرضاً من فُروضهِ من صَوْم أوصَلاةٍ أو صَدقَةٍ أو غير ذلك إلا بمقدار طاقتها" (?).

قال الواحدي: أي: " لا يكلفها إلا يسرها لا عسرها" (?).

قال الطبري: " لا يكلف الله نفسا فيتعبدها إلا بما يسعها، فلا يضيق عليها ولا يجهدها" (?).

قال ابن كثير: " أي: لا يكلف أحدًا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم، وهذه هي الناسخة الرافعة لما كان أشفق منه الصحابة، في قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه} أي: هو وإن حاسب وسأل لكن لا يعذب إلا بما يملك الشخص دفعه، فأما ما لا يمكن دفعه من وسوسة النفس وحديثها، فهذا لا يكلف به الإنسان، وكراهية الوسوسة السيئة من الإيمان" (?).

وقال الزمخشري: "أى لا يكلفها إلا ما يتسع فيه طوقه ويتيسر عليه دون مدى الطاقة والمجهود. وهذا إخبار عن عدله ورحمته كقوله تعالى: {يريد الله بكم اليسر}، لأنه كان في إمكان الإنسان وطاقته أن يصلى أكثر من الخمس، ويصوم أكثر من الشهر، ويحج أكثر من حجة" (?).

قال أبو حيان: " ظاهره أنه استئناف، خبر من الله تعالى أخبر به أنه لا يكلف العباد من أفعال القلوب والجوارح إلاّ ما هو في وسع المكلف، ومقتضى إدراكه وبنيته، وانجلى بهذا أمر الخواطر الذي تأوله المسلمون في قوله: {إِن تُبْدُوا} الآية، وظهر تأويل من يقول: إنه لا يصح تكليف ما لا يطاق، وهذه الآية نظير. {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} " (?).

قال عبد الجبّار بن العلاء العطّار: "سئل سفيان بن عيينة عن قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}، فقال: إلّا يسرها لا عسرها، ولم يكلّفها طاقتها ولو كلّفها طاقتها لبلغ المجهود منها" (?).

قال الثعلبي: "وهذا قول حسن لأنّ الوسع ما دون الطاقة، فقال بعض أهل الكلام: يعني إلّا ما يسعها ويحل لها، كقول القائل: ما يسعك هذا الأمر؟ أي ما يحلّ الله لك؟ فبيّن الله تعالى أن ما كلّف عباده فقد وسعه لهم والله أعلم" (?).

والتكليف لغة": "مصدر كلّف، يقال: كلفه تكليفاً أي أمره بما يشق عليه" (?)، وفي الاصطلاح: "خطاب الله تعالى، المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015