والثاني: مكتسب لإِثم الشهادة. قاله الربيع (?)، وروي نحوه عن ابن عباس (?).
قال ابن عطية: " وخص الله تعالى ذكر القلب إذ الكتم من أفعاله، وإذ هو المضغة التي بصلاحها يصلح الجسد كما قال عليه السلام" (?) (?).
قال الراغب: " أي يأثم بذلك قلبه، ويجوز أن يكون معناه: " إنما يكتم الشهادة ومن يكتم لأنه قد أثم قلبه " قيل فحمله ذلك على ارتكاب المحارم واحتقاب المآثم، وإضافة الإثم إلى القلب مبالغة في الذم، فالقلب مقر البر والإثم، ولهذا قال: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، وقال بعضهم: " في أية الدين صلاح للدين والدنيا "، فالإنسان بمراعاة ما أرشده الله إليه فيهما يبعد عن جحود الحق الذي هو سبب التنازع، والتنازع سبب كل شر ولذلك قال تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، ومن هذه الوجه منع من البيعات المجهولة وجهل المدة وسائر الأشياء المؤدية إلى المنازعة، أوجب الإشهاد من أوجبه، لأن كل ما يؤدي إلى فساد فحسم مادته واجب" (?).
قال ابن عطية: "وقرأ ابن أبي عبلة «فإنه آثم قلبه» بنصب (الباء)، قال مكي: هو على التفسير، ثم ضعفه من أجل أنه معرفة" (?).
ونقل الزمخشري عن ابن أبي عبلة أنه قرأ "أثم قلبه" (?)، أي: جعله آثما". قال الثعلبي: "على وزن (أفعل)، أي جعل قلبه أثما" (?).
قوله تعالى: {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} [البقرة: 283]، "أي لا يخفى عليه شيء من أعمال وأفعال العباد" (?).
وقال سعيد بن جبير: " يعني: من كتمان الشهادة، وإقامتها عليهم" (?).
قال الثعلبي: " من بيان الشهادة وكتمانها" (?).
قال ابن عطية: فيه" توعد وإن كان لفظها يعم الوعيد والوعد" (?).
قال ابن عثيمين: " «ما» هذه موصولة تفيد العموم، وتشمل كل ما يعمله الإنسان من خير أو شر في القلب، أو في الجوارح؛ وقَدّم {بما تعملون} على متعلّقها لقوة التحذير، وشدته؛ فكأنه حصر علمه فيما نعمل؛ فيكون هذا أشد في بيان إحاطته بما نعمل؛ فيتضمن قوة التحذير؛ وليس مقتضاه حصر العلم على ما نعمل فقط" (?).
الفوائد: