وقال الضحاك: " يعني بذلك: أنه لا يصلح إذا كان بيعا في سفر، إذا وجد كتابا، أن يأخذ رهنا، ولكن ليكتب حقه إلى أجله" (?).
وروي " عن عامر، في قوله: {فرهان مقبوضة}، قال: هي منسوخة {فإن أمن بعضكم بعضا}، يعني: نسخه ذلك" (?).
وفي (الرهن) قولان (?):
أحدهما: أن الرُّهُن في الأموال، والرِّهَان في الخيل. قاله أبو عمرو (?)، ومنه قول قَعْنَب (?):
بَانَتْ سُعادُ وأَمْسَى دُونَهَا عَدَنُ ... وَغَلِقَتْ عِنْدَهَا مِنْ قَلْبِكَ الرُّهُنُ
أي وحب لها (?).
والثاني: أن الرِّهَان جمع، والرُهُن جمع الجمع، مثل ثمار وثمر، قاله الكسائي، والفراء (?).
واتفق الفقهاء في الجملة على أن القبض شرط في الرهن، لقوله تعالى {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283]، واختلفوا في تحديد نوع الشرط: أهو شرط لزوم أو شرط تمام؟
القول الأول: أن قبض الرهن شرط في لزومه، قاله سعيد بن جبير (?)، والشافعي (?)، وأبو حنيفة (?)، وأهل الظاهر (?).
القول الثاني: أن الرهن يلزم بمجرد العقد ولو لم يقبض المرهون، وهو مذهب مالك (?).
قال ابن عثيمين: " وقوله تعالى: {مقبوضة} أي يقبضها من يتوثق بها - وهو الطالب - من المطلوب الذي هو الراهن؛ والطالب الذي قبض الرهن يسمى مرتهناً؛ فهنا راهن، ومرتهن، ورهن، ومرهون به؛ فالرهن: العين؛ والراهن: معطي الرهن؛ والمرتهن؛ آخذ الرهن؛ والمرهون به: الدين؛ فأركان الرهن أربعة، ولم يبين سبحانه وتعالى كيف القبض؛ فيرجع في ذلك إلى العرف؛ ومعناه: أن يكون الشيء في قبضة الإنسان، وتحت سيطرته" (?).
وقال الراغب: " واشتراط كونها مقبوضة تنبيه أن الرهن لا يثبت حكمه ما لم يكن مقبوضا لأمرين:
أحدهما: أن ذلك معطوف على الشهادة فكما أن الشرط في الشهادة معتبر كذلك هاهنا.
والثاني: أن حكم الرهن مأخوذ من هذه الآية وقد أجازه بهذه الصفة، فيجب أن تعتبر الصفة فيه" (?).