قال الواحدي: " الكتابة والإشهاد اللذان ذكرا في هذه الآية للتداين، والمبايعة" (?).
واختلف أهل العلم في اكتتاب الكتاب بذلك على من هو عليه، هل هو واجب أو هو ندب، وفيه قولان (?):
أحدهما: أنه ندب، وقالوا: كان اكتتاب الكتاب بالدين فرضا، فنسخه قوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ}. وهو قول أبي سعيد الخدري (?)، والشعبي (?)، وعامر (?)، وعطاء (?)، وابن زيد (?)، والحسن (?)، وهو اختيار الفراء (?)، والأنباري (?).
والثاني: أنه فرض، قاله الضحاك (?)، وابن جريج (?)، والربيع (?)، وكعب (?)، وإبراهيم (?)، وسعيد بن جبير (?)، وروي عن جابر بن زيد ومجاهد وعطاء، نحو ذلك (?).
قال ابن عطية: "وقال جمهور العلماء: الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقيا فما يضره الكتاب وإن كان غير ذلك فالكتب ثقاف في دينه وحاجة صاحب الحق، وقال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة، وهذا هو القول الصحيح، ولا يترتب نسخ في هذا لأن الله تعالى ندب إلى الكتب فيما للمرء أن يهبه ويتركه بإجماع، فندبه إنما هو على جهة الحيطة للناس، ثم علم تعالى أنه سيقع الائتمان فقال إن وقع ذلك {فَلْيُؤَدِّ} [البقرة: 283] الآية، فهذه وصية للذين عليهم الديون، ولم يجزم تعالى الأمر نصا بأن لا يكتب إذا وقع الائتمان، وأما الطبري رحمه الله فذهب إلى أن الأمر بالكتب فرض واجب وطول في الاحتجاج (?)، وظاهر قوله أنه يعتقد الأوامر على الوجوب حتى يقوم دليل على غير ذلك" (?).