وذكروا في تفسير قوله تعالى {فَأَذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279]، وجهين (?):

أحدهما: إن لم تنتهوا عن الربا أموت النبي بحربكم.

والثاني: إن لم تنتهوا عنه فأنتم حرب الله ورسوله، يعني أعداءه.

قلت: الوجه الثاني يحتمله الآية وبه قال الأكثرون، والأول بعيد. والله تعالى أعلم.

وقوله تعالى {فَأْذَنُوا} [البقرة: 279]، فيه قراءتان:

الأولى: {فَأْذَنُوا}، بإسكان الهمزة وفتح الذال، وهو المشهور (?)، قال أبو عبيدة: "معنى قوله: {فَأْذَنُوا}، فأيقنوا (?)، قال الطبري: " بمعنى: كونوا على علم وإذن" (?).

والثانية: وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم (?): (فآذِنُوا) بالمد وكسر الذال (?)، أي: آذنوا غيركم وأعلموهم (?). قال الطبري: بمعنى: " أعلمُوهم وأخبروهم بأنكم علىَ حرْبهم" (?).

قال أبو علي: " فآذنوا بحرب فتقديره: فأعلموا من لم ينته عن ذلك بحرب، والمفعول هنا محذوف على قوله: وقد أثبت هذا المفعول المحذوف هنا، في قوله {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ} [الأنبياء: 109]، وإذا أمروا بإعلام غيرهم علموا هم أيضا لا محالة، ففي أمرهم بالإعلام ما يعلمون هم أيضا أنهم حرب إن لم يمتنعوا عمّا نهوا عنه من وضع الرّبا عمن كان عليه. وليس في علمهم دلالة على إعلام غيرهم" (?).

قال ابن عطية: "والقراءتان عندي سواء لأن المخاطب في الآية محضور بأنه كل من لم يذر ما بقي من الربا، فإن قيل لهم: «فأذنوا» فقد عمهم الأمر، وإن قيل لهم: «فآذنوا» بالمد فالمعنى أنفسكم وبعضكم بعضا، وكأن هذه القراءة تقتضي فسحا لهم في الارتياء والتثبيت أي فأعلموا نفوسكم هذا ثم انظروا في الأرجح لكم، ترك الربا أو الحرب" (?).

والقراءة الأولى أوضح في مراد السياق (?). والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015