وقد ذكر أهل التفسير في معنى (الإلحاف) وجوها (?):
أحدها: الإلحاف، يعني: أن يسأل وله كفاية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وله قيمة وقية فهو ملحف، والوقية: أربعون درهما" (?).
والثاني: أنه الاشتمال بالمسألة، ومنه اشتق اسم اللحاف (?).
والثالث: أنه الحلف في المسألة. قاله السدي (?).
والرابع: أنه الإلحاح في المسألة. قاله ابن زيد (?).
الخامس: وقيل: أن الإلحاف: هو فرط المدح لدى السائل في حال العطاء، وفرط الذم لديه في حال المنع (?).
و«الإلحاف» والإلحاح واللَّجاجُ والإِحفاءُ بمعنى واحد، يقال: ألحفَ وألحَّ في المسألةِ: إذا لَجَّ فيها، وفي الحديث: "من سأل وله أربعون فقد ألحف" (?) (?).
واختلف في اشتقاق لفظة (الإلحاف) على أقوال (?):
أحدها: أنها: مشتقة من اللِّحاف، لأنه يشتملُ الناسَ بمسألتِه ويَعُمُّهم، كما يشتملُ اللِّحافُ من تحتِه ويُغَطِّيه، ومنه قول ابن الأحمر (?):
يظلُّ يَحُفُّهُنَّ بقَفْقَفَيْهِ ... ويَلْحَفُهُنَّ هَفْهافاً ثَخِينا
يصف ذكر نعام يحضن بيضا، فكأن هذا السائل الملح يعم الناس بسؤاله فيلحفهم ذلك.
ومنه قول طرفة (?):
ثمَّ راحُوا عَبَقُ المِسْكِ بِهِمْ ... يُلْحِفُون الأَرْضَ هُدَّابَ الأُزُرْ
أي يلبسونها الأرض كإلباس اللحاف للشيء (?).
قال الراغب: " والإلحاف استشعار المسألة والاستقصاء فيها وتذرعها، يقال: لحفته: أي ألبسته إلحافا ككسوته، أي ألبسته كساءً" (?).