والثالث: وقيل: تعرف في وجوههم الجهد من الحاجة. حكي ذلك عن الربيع (?).

والرابع: وقيل: تعرفهم برثاثة ثيابهم. ذكره ابن زيد (?).

والخامس: وقال الضحاك: "صفرة ألوانهم من الجوع والضر" (?).

السادس: وقال قوم، وحكاه مكي: "هي أثر السجود" (?). قال ابن عطية: " وهذا حسن، لأنهم كانوا متفرغين متوكلين لا شغل لهم في الأغلب إلا الصلاة، فكان أثر السجود عليهم أبدا" (?).

والأظهر اختلاف ذلك من فقير إلى آخر. والله أعلم.

قال الطبري: " الله عز وجل أخبر نبيَّه صلى الله عليه وسلم أنه يعرفهم بعلاماتهم وآثار الحاجة فيهم. وإنما كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدرك تلك العلامات والآثار منهم عند المشاهدة بالعِيان، فيعرفُهم وأصحابه بها، كما يُدرك المريضُ فيعلم أنه مريض بالمعاينة.

وقد يجوز أن تكون تلك السيما كانت تخشُّعًا منهم، وأن تكون كانت أثر الحاجة والضرّ، وأن تكون كانت رثاثة الثياب، وأن تكون كانت جميعَ ذلك، وإنما تُدرك علامات الحاجة وآثار الضر في الإنسان، ويعلم أنها من الحاجة والضر، بالمعاينة دون الوصف. وذلك أن المريض قد يصير به في بعض أحوال مرضه من المرض، نظيرُ آثار المجهود من الفاقة والحاجة، وقد يلبس الغني ذو المال الكثير الثيابَ الرثة، فيتزيّى بزيّ أهل الحاجة، فلا يكون في شيء من ذلك دلالة بالصّفة على أنّ الموصوف به مختلٌّ ذو فاقة. وإنما يدري ذلك عند المعاينة بسيماه، كما وصف الله نظير ما يُعرف أنه مريض عند المعاينة، دون وَصْفه بصفته" (?).

وأصل (السيما): من السمة التي هي العلامة، قلبت الواو إلى موضع العين، وقال آخرون: أصل السيما: الارتفاع، لأنها علامة رفعت للظهور (?).

ومن العرب من يقول: (بسيمائهم) فيمدها، وأما ثقيف وبعض أسَدٍ، فإنهم يقولون: (بسيميائهم) ; ومن ذلك قول الشاعر (?):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015