14 - ومنها: نفي الظلم في جزاء الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {وأنتم لا تظلمون}؛ وهذا يستلزم كمال عدله؛ فإن الله عز وجل كلما نفى عن نفسه شيئاً من الصفات فإنه مستلزم لكمال ضده.
القرآن
{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)} [البقرة: 273]
التفسير:
اجعلوا صدقاتكم لفقراء المسلمين الذين لا يستطيعون السفر؛ طلبًا للرزق لاشتغالهم بالجهاد في سبيل الله، يظنهم مَن لا يعرفهم غير محتاجين إلى الصدقة؛ لتعففهم عن السؤال، تعرفهم بعلاماتهم وآثار الحاجة فيهم، لا يسألون الناس بالكُليَّة، وإن سألوا اضطرارًا لم يُلِحُّوا في السؤال. وما تنفقوا مِن مال في سبيل الله فلا يخفى على الله شيء منه، وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمَّه يوم القيامة.
في سبب نزول الآية وجوه (?):
أحدها: قال مقاتل: "هم أهل الصفة منهم أبو هريرة وابن مسعود والموالي أربعمائة رجل لا أموال لهم بالمدينة، فإذا كان الليل أووا إلى الصفة فأمر الله بالنفقة عليهم" (?).
والثاني: أخرج ابن ابي حاتم عن مجاهد: " قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله} قال: مهاجري قريش بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أمر بالصدقة عليهم" (?). وروي نحوه عن أبي جعفر (?)، والسدي (?).
والثالث: وأخرج ابن ابي حاتم " عن سعيد، في قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله}، قال: قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زمنى، فجعل لهم في أموال المسلمين حقا" (?).
والرابع: وروي عن السدي، قوله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله}، حصرهم المشركون في المدينة" (?).
الخامس: وروي "عن رجاء بن حيوة في قول الله: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض}، قال: لا يستطيعون تجارة" (?). وروي عن السدي، مثل ذلك (?).
السادس: وقيل الفقراء عامة دون تحديد. حكي عن السدي (?)، نحو هذا المعنى.
قال ابن عطية: " ثم تتناول الآية كل من دخل تحت صفة الفقر غابر الدهر، وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم، لأن الأنصار كانوا أهل أموال وتجارة في قطرهم" (?).