قال الماوردي: " وهذا أصح القولين، لأنه لو كان مشتقّاً من فعل العبادة لا من استحقاقها، للزم تسمية عيسى عليه السلام إلهاً، لعبادة النصارى له، وتسمية الأصنام آلهة، لعبادة أهلها لها، وفي بطلان هذا دليل، على اشتقاقه من استحقاق العبادة، لا من فعلها، فصار قولنا (إله) على هذا القول صفة من صفات الذات، وعلى القول الأول من صفات الفعل" (?).
قوله تعالى: {الرَّحْمَنِ} [الفاتحة: 1]، أي: " ذي الرحمة العامة الذي وسعت رحمته جميع الخلق" (?).
قال ابن عباس: " الرحمن: الفعلان من الرحمة، وهو من كلام العرب ... «الرحمن»: الرقيق الرفيق لمن أحب أن يرحمه" (?).
وعن ابن عباس أيضا، "أن عثمان بن عفان سأل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن «بسم الله الرحمن الرحيم»، فقال: هو اسم من أسماء الله، وما بينه وبين اسم «الله» إلا كما بين سواد العينين وبياضهما من القرب" (?).
وروي عن الحسن قال: " الرحمن: اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه، تسمى به تبارك وتعالى" (?).
وعن أبي سعيد الخدريّ، قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنّ عيسى ابن مريم قال: الرحمن: رَحمنُ الآخرة والدنيا» " (?).
وقال العَرْزَمي: "الرحمن: بجميع الخلق " (?).
قوله تعالى: {الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1]، أي: "الرحيم بالمؤمنين" (?).
قال ابن عباس: " الرحيم: البعيد الشديد على من أحب أن يعنف عليه العذاب" (?).
وقال العَرْزَمي: " الرّحيم: بالمؤمنين " (?).
وقد روي عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «الرحيم: رحيمُ الآخرة» " (?).
وأخرج البهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال: "الرحمن: وهو الرقيق , الرحيم: وهو العاطف على خلقه بالرزق , وهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر" (?).
قال الطبري: " أنّ المعنى الذي في تسمية الله بالرحمن، دون الذي في تسميته بالرحيم: هو أنه بالتسمية بالرحمن موصوف بعموم الرحمة جميعَ خلقه، وأنه بالتسمية بالرحيم موصوف بخصوص الرحمة بعضَ خلقه، إما في كل الأحوال، وإما في بعض الأحوال. فلا شك - إذا كان