والثاني: أنه نسخت هذه الآية الآية التي في (الأحزاب): {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ} [سورة الأحزاب: 49]، لأن تلك تضمنت تمتيع كل من لم يدخل بها. وهذا قول سعيد بن المسيب (?).
والثالث: أنه نسخت هذه الآية الآية التي قبلها، إذا كان لم يدخل بها وقد كان سمى لها صداقا، فجعل لها النصف ولا متاع لها. وهذا قول قتادة (?).
قال القرطبي: "قول سعيد وقتادة فيه نظر؛ إذ شروط النسخ غير موجودة والجمع ممكن" (?).
وقال ابن القاسم: "كان المتاع لكل مطلقة بقوله تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] ولغير المدخول بها بالآية التي في سورة "الأحزاب" فاستثنى الله تعالى المفروض لها قبل الدخول بها بهذه الآية، وأثبت للمفروض لها نصف ما فرض فقط. وقال فريق من العلماء منهم أبو ثور: المتعة لكل مطلقة عموما، وهذه الآية إنما بينت أن المفروض لها تأخذ نصف ما فرض لها، ولم يعن بالآية إسقاط متعتها، بل لها المتعة ونصف المفروض" (?).
قوله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237]، " أي: وإِذا طلقتموهن قبل الجماع" (?).
قال أبو مسلم: "وإنما كنى تعالى بقوله: {تَمَسُّوهُنَّ} عن المجامعة، تأديبا للعباد في اختيار أحسن الألفاظ فيما يتخاطبون به" (?).
وفي قراءة: {تماسوهن}، وسبق توجيههما، ومعناهما، في الآية السابقة (?).
قوله تعالى: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 237]، أي "وقد كنتم ذكرتم لهنَّ مهراً معيناً" (?).
قال القاسمي: أي: "سميتم لهن مهرا مقدّرا" (?).
قوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237]، أي: " فلهنّ نصف ما سميتم لهنّ من المهر" (?).
قال القرطبي: "أي: فالواجب نصف ما فرضتم من المهر، فالنصف للزوج والنصف للمرأة بإجماع " (?).
قال الشوكاني: "وهذا مجمع عليه" (?).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: {فَنِصْفُ} [البقرة: 237] على وجوه (?):
الأول: قرأ الجمهور {فَنِصْفُ} بالرفع.
الثاني: وقرأت فرقة {فَنِصْفَ} بنصب (الفاء)؛ المعنى: فادفعوا نصف.
الثالث: وقرأ علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت {فَنُصْفُ} بضم (النون) في جميع القرآن، وهي لغة.