لا إثم عليكم -أيها الأزواج- إن طلقتم النساء بعد العقد عليهن، وقبل أن تجامعوهن، أو تحددوا مهرًا لهن، ومتِّعوهن بشيء ينتفعن به جبرًا لهن، ودفعًا لوحشة الطلاق، وإزالة للأحقاد. وهذه المتعة تجب بحسب حال الرجل المطلِّق: على الغني قَدْر سَعَة رزقه، وعلى الفقير قَدْر ما يملكه، متاعًا على الوجه المعروف شرعًا، وهو حق ثابت على الذين يحسنون إلى المطلقات وإلى أنفسهم بطاعة الله.

في سبب نزول الآية قال مجاهد: "نزلت في رجل من الأنصار تزوج امرأة من بني حنيفة ولم يسم لها مهرا ثم طلقها قبل أن يمسها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "أطلقتها؟ " قال: نعم إني لم أجد نفقة. قال: "متعها بقلنسوتك أما إنها لا تساوي شيئا، ولكن أردت أن أحيي سنة" (?).

قوله تعالى: قوله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [القرة: 236]، أي: " لا يلزمكم شاء من المهر وغيره عند طلاقكم للنساء" (?).

قال الشوكاني: " أي لا تبعة عليكم بالمهر ونحوه إن طلقتم النساء على الصفة المذكورة" (?).

قوله تعالى: {مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236]، أي: " ما لم تجامعوهن" (?).

قال المراغي: أي: " قبل الدخول بهن" (?).

وقرأ ابن مسعود: {من قبل أن تجامعوهن}، أخرجه عنه ابن جرير (?).

واختلف أهل العلم في إعراب {ما} [البقرة: 236]، على ثلاثة أقوال (?):

الأول: هي مصدرية ظرفية بتقدير المضاف، أي: مدة عدم مسيسكم.

والثاني: ونقل أبو البقاء: أنها شرطية، من باب اعتراض الشرط على الشرط ليكون الثاني قيدا للأول كما في قولك: إن تأتني أن تحسن إلي أكرمك، أي: إن تأتني محسنا إلي، والمعنى: إن طلقتموهن غير ماسين لهن، ومنها قوله تعالى: {فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين} [الواقعة: 86، 87] فهنا شرط في شرط.

والثالث: وقيل إنها موصولة أي إن طلقتم النساء اللاتي لم تمسوهن.

قلت: المعنى واحد؛ ولكن الاختلاف في الإعراب. والله أعلم.

وفي قوله تعالى: {ما لم تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 236]، قراءتان (?):

الأولى: قرأ حمزة والكسائي: {تُماسوهن}، بالألف على المفاعلة، وكذلك في "الأحزاب" (?).

وحجتهم: أن بدن كل واحد يمس بدن صاحبه ويتماسان جميعا وأيضا يدل على ذلك قوله تعالى: من قبل أن يتماسا [المجادلة: 3] وهو إجماع.

الثانية: {تَمَسُّوهُنَّ} بغير الألف. وهي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وابن عامر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015