وقد قيل: إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل القراءة فحَسَن، ولا آمر به في
شيء من الصلاة، أمرتُ به في أول ركعة.
وإن تركه – [قول: الاستعاذة]- ناسياً أو جاهلاً أو عامداً، لم يكن عليه إعادة، ولا سجود سهو. وأكره له تركه عامداً، وأحب إذا تركه في أول ركعة أن يقوله في غيرها [من الركعات]، وإنَّما منعني أن آمره أن يعيد؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علم رجلاً ما يكفيه في الصلاة فقال: "كبر ثم اقرأ بأم القرآن" الحديث (?).
قال الشَّافِعِي رحمه الله: ولم يُروَ عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره بتعوذ ولا افتتاح. فدل على أن افتتاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختيار، وأن التعوذ مما لا يفسد الصلاة إن تركه" (?).
قال ابن كثير: "وجمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة ليست بمتحتمة، يأثم تاركها، وقال النووي: ثم إن التعوذ مستحب وليس بواجب، وهو مستحب لكل قارئ، سواء كان في الصلاة أو في غيرها" (?).
ويدل على عدم الوجوب:
أولا: حديث أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - "أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آنِفاً سُورَةٌ فَقَرَأَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ، ثُمَّ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟ فَقُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ فَأَقُولُ: رَبِّ إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي، فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ " (?)، ولم يذكر الاستعاذة.
ثانيا: ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلمها الأعرابي حين علمه الصلاة (?).
قال الإمام الجصاص (?): "والاستعاذة ليست بفرض، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يعلمها الأعرابي حين علمه الصلاة، ولو كانت فرضًا لم يخله من تعليمها" (?)، وقال الإمام ابن الجزري - رحمه الله (?) -: