قال الرازي: " وأصل التوفي أخذ الشيء وافيا كاملا، فمن مات فقد وجد عمره وافيا كاملا، ويقال: توفي فلان، وتوفي إذا مات، فمن قال: توفي، كان معناه قبض وأخذ ومن قال: توفى، كان معناه توفى أجله واستوفى أكله وعمره" (?).

وقوله تعالى: {يتوفون} بضم الياء - أي يتوفاهم الله -؛ وذلك بقبض أرواحهم عند الموت؛ وقد أضاف الله التوفي إليه تارة، كما في قوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها} [الزمر: 42]؛ وإلى ملك الموت تارة، كما في قوله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [السجدة: 11]؛ وإلى رسله - وهم الملائكة - تارة، كما في قوله تعالى: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} [الأنعام: 61]، فإضافتها إلى الله؛ لأنها بأمره؛ وإلى ملك الموت؛ لأنه الذي يقبض الروح؛ وإلى الرسل؛ لأنهم يقبضونها من ملك الموت يصعدون بها إلى السماء؛ ولذلك بني الفعل في الآية لما لم يسم فاعله؛ ليشمل كل ذلك (?).

وقرأ علي -رضي الله عنه- {يَتوفون} بفتح الياء" (?)، أي" أى يستوفون آجالهم" (?).

قوله تعالى: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234]، أي: و"يتركون أزواجا" (?) بعدهم.

و(الأزواج): جمع زوج - وهو من عقد له النكاح من رجل، أو امرأة -؛ إلا أن الفرضيين - رحمهم الله - اصطلحوا على أن الرجل يقال له: زوج؛ والمرأة يقال لها زوجة من أجل التمييز بينهما في قسمة الميراث (?).

قوله تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، أي "ينتظرن، ويَحبسن أنفسهن عن الزواج" (?) لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام، حداداً على أزواجهنَّ.

قال السعدي: " والحكمة في ذلك، ليتبين الحمل في مدة الأربعة، ويتحرك في ابتدائه في الشهر الخامس، وهذا العام مخصوص بالحوامل، فإن عدتهن بوضع الحمل (?)، وكذلك الأمة، عدتها على النصف من عدة الحرة، شهران وخمسة أيام" (?).

قال القرطبي: " التربص: التأني والتصبر عن النكاح، وترك الخروج عن مسكن النكاح وذلك بألا تفارقه ليلا" (?).

وقال ابن العربي رحمه الله: "هو الانتظار" (?).

وقال الحافظ بن كثير رحمه الله: "هذا أمر من الله للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015