في سبب نزول الآية: أخرج الواحدي عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: حدثت عن مقاتل بن حيان في هذه الآية: أن رجلا من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء، ومعه أبواه وامرأته، فمات بالمدينة، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بالمعروف ولم يعط امرأته شيئا، غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول" (?).
قال الشوكاني: " لما ذكر سبحانه عدة الطلاق واتصل بذكر ذكر الإرضاع عقب ذلك بذكر عدة الوفاة لئلا يتوهم أن عدة الوفاة مثل عدة الطلاق" (?).
واختلف في حكم الآيتين [البقرة: 240، والبقرة: 234]، على قولين (?):
أحدهما: أن الآية الأولى (?) منسوخة بالآية الثانية، حيث كانت العدة في الجاهليَّة وأول الإسلام حولاً، ثُمَّ نسخت بأربعة أشهر وعشراً. وهذا قول الجمهور.
قال النحاس: قال أكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله جل وعز: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج} [البقرة: 240]، لأن الناس أقاموا برهة من الإسلام إذا توفي الرجل، وخلف امرأته حاملا أوصى لها زوجها بنفقة سنة وبالسكنى ما لم تخرج فتتزوج، ثم نسخ ذلك بأربعة أشهر وعشر وبالميراث" (?).
والثاني: أن الآية غير منسوخة، لأن النص القرآني لم يصرح بالعدة، وإنَّما قال ذلك متاع لها إن أرادت سبعة أشهر وعشرين ليلة تقضيها في البيت، فالواجب في العدة أربعة أشهر وعشراً، وما زاد إلى الحول فهو وصية، إن شاءت سكنت في وصيتها، وإن شاءت خرجت. وهذا قول مجاهد (?)، وابن عباس (?) في رواية عطاء عنه.
قال ابن حجر: " فالتحقيق: أن لا نسخ هناك بل عموم آية البقرة مخصوص بآية الطلاق" (?).
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ} [البقرة: 234]، أي: والذين"يموتون وتتوفى آجالهم" (?).
قال القرطبي: " أي والرجال الذين يموتون منكم، ولهم زوجات" (?).
قال القاسمي: والذين"يموتون من رجالكم" (?).
قال البغوي: " وتوفى واستوفى بمعنى واحد، ومعنى التوفي أخذ الشيء وافيا" (?).