أي: أن نكاح الثاني إذا طلقها منه، أحلها للأول سواء دخل بها أو لم يدخل، وهو قول سعيد بن المسيب ومن وافقه (?).
قال الشوكاني: " وقد أخذ بظاهر الآية سعيد ابن المسيب ومن وافقه، قالوا: يكفي مجرد العقد لأنه المراد بقوله {حَتَّى تَنكِحَ زَوجاً غَيرَهُ} " (?).
وقد اعترض عليه ابن المنذر قائلا: " ومعنى ذوق العسيلة هو الوطء، وعلى هذا جماعة العلماء إلا سعيد بن المسيب فقال: أما الناس فيقولون: لا تحل، للأول حتى يجامعها الثاني، وأنا أقول: إذا تزوجها زواجا صحيحا لا يريد بذلك إحلالها فلا بأس أن يتزوجها الأول. وهذا قول لا نعلم أحدا وافقه عليه إلا طائفة من الخوارج، والسنة مستغنى بها عما سواها" (?).
قال القرطبي -بعد أن ذكر قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير-: " وأظنهما لم يبلغهما حديث العسيلة أو لم يصح عندهما فأخذا بظاهر القرآن، وهو قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} والله أعلم" (?).
وقد قال بعض علماء الحنفية: "من عقد على مذهب سعيد بن المسيب فللقاضي أن يفسخه، ولا يعتبر فيه خلافه لأنه خارج عن إجماع العلماء" (?).
والثاني: أنه لا يكفي مجرد الوطء حتى يكون إنزال.
أي: أنها لا تحل للأول بنكاح الثاني، حتى يدخل بها فتذوق عسيلته ويذوق عسيلتها، للسنّة المروية فيه، وهو قول الجمهور (?).
قال الشيخ السعدي: " ويشترط أن يكون نكاح الثاني، نكاح رغبة، فإن قصد به تحليلها للأول، فليس بنكاح، ولا يفيد التحليل، ولا يفيد وطء السيد، لأنه ليس بزوج، فإذا تزوجها الثاني راغبا ووطئها، ثم فارقها وانقضت عدتها" (?).
قال القرطبي: " وذهب الجمهور من العلماء والكافة من الفقهاء إلى أن الوطء كاف في ذلك، وهو التقاء الختانين الذي يوجب الحد والغسل، ويفسد الصوم والحج ويحصن الزوجين ويوجب كمال الصداق. قال ابن العربي: ما مرت بي في الفقه مسألة أعسر منها، وذلك أن من أصول الفقه أن الحكم هل يتعلق بأوائل الأسماء أو بأواخرها؟ فإن قلنا: إن الحكم يتعلق بأوائل الأسماء لزمنا أن نقول بقول سعيد بن المسيب. وإن قلنا: إن الحكم يتعلق بأواخر الأسماء لزمنا أن نشترط الإنزال مع مغيب الحشفة في الإحلال، لأنه آخر ذوق العسيلة على ما قاله الحسن. قال ابن المنذر: ومعنى ذوق العسيلة هو الوطء، وعلى هذا جماعة العلماء إلا سعيد بن المسيب" (?).