الذي تتعلق به نفس الزوج وتتطلع لأخذه دون ما عداه مما هو في ملكها على أنه إذا كان أخذ ما دفعه إليها لا يحل له كان ما عداه ممنوعا منه بالأولى" (?).
وقد اختلف أهل العلم في الخطاب الموجه في قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ} [البقرة: 229]، على قولين (?):
أحدهما: أن الخطاب للأزواج، أي لا يحل للأزواج أن يأخذوا مما دفعوه إلى نسائهم من المهر شيئا على وجه المضارة لهن. وهذا قول الجمهور.
والثاني: أن الخطاب فيه للأئمة والحكام ليطابق قوله {فإن خفتم}، فإن الخطاب فيه للأئمة والحكام وعلى هذا يكون إسناد الأخذ إليهم لكونهم الآمرين بذلك.
والقول الأول أولى، وذلك لقوله تعالى {مما آتيتموهن}، "فإن إسناده إلى غير الأزواج بعيد جدا لأن إيتاء الأزواج لم يكن عن أمرهم وقيل إن الثاني أولى لئلا يتشوش النظم" (?).
قوله تعالى: {إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} [البقرة: 229]، أي: "إِلا أن يخاف الزوجان سوء العشرة وألا يرعيا حقوق الزوجية التي أمر الله تعالى" (?).
قال الشوكاني: " أي لا يجوز لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا عدم إقامة حدود الله التي حدها للزوجين وأوجب عليهما الوفاء بها من حسن العشرة والطاعة" (?).
واختلفت القراءة في قوله تعالى: {إِلاَّ أَن يَخَافَآ} [البقرة: 229]، على وجهين (?):
أحدهما: {يُخَافَآ}، قراءة حمزة وحده.
على البناء للمجهول والفاعل محذوف، وهو الأئمة والحكام، واختاره أبو عبيد قال لقوله {فإن خفتم} فجعل الخوف لغير الزوجين، وقد احتج بذلك من جعل الخلع إلى السلطان وهو سعيد بن جبير (?)، والحسن وابن سيرين، وقد ضعف النحاس اختيار أبي عبيد المذكور (?).
والثاني: {يَخَافَآ}، بفتح (الياء)، وهي قراءة معظم أهل الحجاز والبصرة.
وذلك بمعنى إلا أن يخاف الرجل والمرأة أن لا يقيما حدود الله، وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي بن كعب: {إِلاَّ أَن يظنا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله} (?).
والعرب قد تضع (الظن) موضع (الخوف)، و (الخوف) موضع (الظن) في كلامها، لتقارب معنييهما، كما قال أبو الغول الطهوي (?):