أحدهما: أن القرء الاجتماع، ومنه أخذ اسم القرآن لاجتماع حروفه، وقيل: قد قرأ الطعام في شدقه وقرأ الماء في حوضه إذا جمعه، وقيل: ما قرأتِ الناقة سَلَى قط، أي لم يجتمع رحمها على ولد قط، قال عمرو بن كلثوم (?):

ذِرَاعَيْ عَيْطَلٍ أدْمَاءَ بكرِ ... هَجَانَ اللون لم تقرَأْ جَنِينَا

فقوله (لم تقرَأْ): أي: لم تضم في رحمها ولداً قط (?).

وهذا قول الأصمعي (?)، والأخفش (?)، والكسائي (?)، والزجاج (?)، والشافعي (?).

والثاني: أن القرء الوقت، لمجيء الشيء المعتاد مجِيؤه لوقت معلوم، ولإدبار الشيء المعتاد إدباره لوقت معلوم. وهذا قول أبي عمرو بن العلاء (?)، واختاره الطبري (?).

ولذلك قالت العرب: قرأت حاجةُ فلان عندي، بمعنى دنا قضاؤها، وحَان وقت قضائها، واقرأ النجم، إذا جاء وقت أفوله، وأقرأ، إذا جاء وقت طلوعه، كما قال الشاعر (?):

إذَا مَا الثُّرَيَّا وَقَدْ أقْرَأَتْ ... أَحَسَّ السِّمَا كَانِ مِنْها أُفُولا

وقيل: " أقرأت الريح "، إذا هبت لوقتها، كما قال مالك بن الحارث الهذلي (?):

شَنِئْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شُلَيْلٍ ... إِذَا هَبَّتْ لِقَارِئِهَا الرِّيَاحُ

بمعنى: هبت لوقتها وحين هُبوبها.

ومن ذلك قول الأعشى ميمون بن قيس (?):

وَفيِ كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشُدُّ لأقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا

مُوَرِّثَةٍ مَالا وَفِي الذِّكْرِ رِفْعةً ... لِمَا ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءٍ نِسَائِكَا

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حُبّيْش: "دعي الصلاة أيام أقرائك" (?).

بمعنى: دعي الصلاة أيام إقبال حيضك، إذ جعل (القُرء): وقت الطهر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015