والثاني: طلقة رجعية، وهو قول ابن المسيب (?)، وأبي بكر بن عبد الرحمن (?)، ومكحول (?)، وربيعة (?)، وابن شبرمة (?).
الثاني: أن تمضي الأربعة الأشهر، يستحق عليها أن يفيء، أو يطلق، وهو قول عمر (?)، وعلي في رواية عمرو بن سلمة (?)، وابن أبي ليلى (?) عنه، وعثمان في رواية طاووس عنه (?)، وأبي الدرداء (?)، وعائشة (?)، وابن عمر في رواية نافع (?) وابن جبير (?) عنه، وسعيد بن المسيب (?)، وطاوس (?)، ومجاهد (?)، وعمر بن عبدالعزيز (?)، وابن عباس (?)، وابن زيد (?)، ومالك (?)، ومحمد بن كعب القرظي (?)، والقاسم بن محمد (?).
وأخرج الطبري عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: "سألت اثني عشر رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الرجل يولي من امرأته، فكلهم يقول: ليس عليه شيء حتى تمضي الأربعة الأشهر فيوقف، فإن فاء وإلا طلق" (?).
والثالث: ليس الإيلاء بشيء، وهو قول ابن عمر (?) في رواية ميمون بن مهران عنه، سعيد بن المسيب (?)، في رواية عمرو ابن دينار عنه.
والرابع: وإن امتنعوا من الفيئة، بعد استيقاف الإمام إيّاهم على الفيء أو الطلاق. وهذا قول إبراهيم (?) في رواية الأعمش عنه.
والراجح هو القول الأول، وهو "إن لم يفئ ألزم بالطلاق، فإن لم يطلق طلق عليه الحاكم، والطلقة تكون رجعية له رجعتها في العدة، وانفرد مالك بأن قال: لا يجوز له رجعتها حتى يجامعها في العدة وهذا غريب جدا" (?).
قوله تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227]، أي: فإن الله سميع لأقوالهم ومنها الطلاق؛ عليم بأحوالهم ومنها مفارقة زوجاتهم" (?).
قال الثعلبي: أي: " {سَمِيعٌ} لقولهم، {عَلِيمٌ} بنيّاتهم، وفيه دليل على أنّها لا تطلّق بعد مضي الأربعة الأشهر ما لم يطلقها زوجها أو السلطان لأنه شرط فيه العزم" (?).
قال السعدي: "فيه وعيد وتهديد، لمن يحلف هذا الحلف، ويقصد بذلك المضارة والمشاقة" (?).
وقد ذكروا في قوله تعالى: {فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ} [البقرة: 227]، وجهان (?):
أحدهما: يسمع إيلاءه.
والثاني: يسمع طلاقه.
كما ذكروا في قوله تعالى {عَلِيمٌ} [البقرة: 227]، وجهان (?):
أحدهما: يعلم نيته.
والثاني: يعلم صبره.
قال الراغب: " ونبه تعالى بقوله: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ} أنه عارف بضميره ومقاله في إيلائه وتطليقه" (?).
قال الحرالي: "وفي قوله تعالى: {فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}، تهديد بما يقع في الأنفس والبواطن من المضارة والمضاجرة بين الأزواج في أمور لا تأخذها الأحكام، ولا يمكن أن يصل إلى علمها الحكام، فجعلهم أمناء على أنفسهم فيما بطن وظهر. ولذلك رأى العلماء أن الطلاق أمانة في أيدي الرجال، كما أن العدد والاستبراء أمانة في أيدي النساء، فلذلك انتظمت آية تربص المرأة في عدتها بآية تربص الزوج في إيلائه " (?).
الفوائد:
1 - ومنها: أن الطلاق بيد الزوج؛ لقوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق}؛ والضمير يعود على «الذين يؤلون من نسائهم».
2 - ومنها: أن الله سبحانه وتعالى لا يحب الطلاق؛ لقوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
3 - ومنها: أن الطلاق لا يقع بمجرد تمام مدة الإيلاء؛ لقوله تعالى: {وإن عزموا الطلاق}؛ فإن قيل: لو امتنع عن الفيئة، والطلاق فهل يجبر على أحدهما؟
فالجواب: نعم؛ يجبر على أحدهما إذا طالبت الزوجة بذلك؛ لأنه حق لها؛ فإن أبى فللحاكم أن يطلق، أو يفسخ النكاح؛ والفسخ أولى من الطلاق لئلا تحسب عليه طلقة، فيضيق عليه العدد - أي عدد الطلاق -.