اختلف في سبب نزولها على أقوال (?):
أحدها: أخرج الواحدي عن أنس: "أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت، فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت، فسئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فأنزل الله - عز وجل - {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} إلى آخر الآية" (?)، ورواه مسلم (?) وأبو داود (?).
وأخرج الطبري نحوه عن قتادة (?)، والربيع (?).
والثاني: قال مجاهد: " كانوا يجتنبون النساء في المحيض ويأتونهن في أدبارهن، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: {ويسألونك عن المحيض} إلى: {فإذا تطهرن فأتوهنّ من حيث أمركم الله}، - في الفرج لا تعدوه" (?).
الثالث: أن السائل الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كان ثابتَ بن الدَّحداح الأنصاري. قاله ابن عباس (?)، والسدي (?)، ومقاتل بن حيان (?).
والرابع: أخرج الواحدي عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى} قال: " إن اليهود قالت: من أتى امرأته من دبرها كان ولده أحول، فكان
نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن، فجاءوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض، وعما قالت اليهود، فأنزل الله - عز وجل - {ويسألونك عن المحيض} {ولا تقربوهن حتى يطهرن} يعني الاغتسال {فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله} يعني القبل {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم} فإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه" (?).
قال القرطبي: " قال علماؤنا: كانت اليهود والمجوس تجتنب الحائض، وكانت النصارى يجامعون الحيض، فأمر الله بالقصد بين هذين" (?).
قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ} [البقرة: 222]، أي: "ويسألك يا محمد أصحابك عن الحيض" (?).