ولقد نقل غير واحد من العلماء الإجماع في ذلك، فلقد جاء في البرهان للزركشي قوله: "فأما الآيات في كل سورة، ووضع البسملة في أوائلها، فترتيبها توقيفي بلا شك، ولا خلاف فيه، ولهذا لا يجوز تعكيسها" (?)، وممن نقل الإجماع أيضا حول هذه المسألة أبو جعفر ابن الزبير الغرناطي، حيث قال: "ترتيب الآيات في سورها واقع بتوقيفه صلى الله عليه وسلم، وأمره من غير خلاف في هذا بين المسلمين" (?).
فالإجماع والنصوص المترادفة كلها على أن ترتيب الآيات توقيفي، لا شبهة في ذلك، قال مكي (?) وغيره: ترتيب الآيات في السور بأمر النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بدون بسملة، وقال القاضي أبو بكر الباقلاني: "ترتيب الآيات أمر واجب، وحكم لازم، فقد كان الرسول بأمر من جبريل-عليه السلام- يقول ضعوا آية كذا في موضع كذا" (?).
ويقول السيوطي: "والذي نذهب إليه أن جميع القرآن الذي أنزله الله وأمر بإثبات رسمه، ولم ينسخه، ولا رفع تلاوته بعد نزوله، هو الذي بين الدفتين، الذي حواه مصحف عثمان، وأنه لم ينقص منه شيئا، ولا زيد فيه، وأن ترتيبه، ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى، ورتبه عليه رسوله من آي السور، لم يقدم من ذلك مؤخر ولم يؤخر مقدم، وأن الأمة ضبطت على النبي r ترتيب آي كل سورة وموضعها وعرفت موقعها، كما ضبطت عنه نفس القراءات، وذات التلاوة، وأنه يمكن أن يكون الرسول-صلى الله عليه وسلم- قد رتب سوره، وأن يكون قد وكل ذلك إلى الأمة بعده، ولم يتول ذلك بنفسه" (?).
كما أن ترتيب السور في القرآن فيه خلاف بين أهل العلم على خلاف ترتيب الآيات، فيقول: " ... وإنما اختلف في ترتيب السور على ما هي عليه، وكما ثبت في مصحف عثمان بن عفان الذي بعث بنسخه (?) إلى الآفاق، وأطبقت الصحابة على موافقة عثمان في ترتيب سوره وعمله