قال الصابوني: " أي لا تقربوهن ليلاً أو نهاراً ما دمتم معتكفين في المساجد" (?).
قال النسفي: " بيّن أن الجماع يحل في ليالي رمضان لكن لغير المعتكف" (?).
قال قتادة: "كان الرجل إذا خرج من المسجد وهو معتكف ولقي امرأته باشرها إن شاء، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك، وأخبرهم أنّ ذلك لا يصلح حتى يَقضيَ اعتكافه" (?).
وقال مالك بن أنس: لا يمس المعتكف امرأته، ولا يباشرُها، ولا يتلذذ منها بشيء، قُبلةٍ ولا غيرها" (?).
وذكر (المباشرة) عقب قوله تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} لئلا يظن أن المباشرة المأذون فيها شاملة حال الاعتكاف؛ والضمير «هن» يعود على النساء؛ وجملة: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} حال من الواو في قوله تعالى: {لَا تُبَاشِرُوهُنَّ}؛ و {عاكفون} اسم فاعل من عكف يعكف؛ والعكوف على الشيء ملازمته، والمداومة عليه؛ ومنه قول إبراهيم عليه السلام لقومه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52]، أي مديمون ملازمون؛ والاعتكاف في الشرع هو التعبد لله سبحانه وتعالى بلزوم المساجد لطاعة الله (?).
قال الطبري: "والعكوف، أصله المقام، وحبسُ النفس على الشيء، كما قال الطِّرِمَّاح بن حَكيم (?):
فَبَاتَ بَنَاتُ اللَّيْلِ حَوْلِيَ عُكفًّا ... عُكُوفَ البَواكِي بَيْنَهُنَّ صَرِيعُ
يعني بقوله: (عكفا)، مقيمة، وكما قال الفرزدق (?):
تَرَى حَوْلَهُنَّ المُعْتَفِينَ كأنَّهُمْ ... عَلَى صَنَمٍ فِي الجَاهِلِيَّةِ عُكَّفُ " (?)
وقد اختلف أهل التأويل في معنى (المباشرة) التي عنى الله بقوله: {وَلا تُبَاشِرُوهُنََّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وفيه أقوال (?):
أحدها: عني بالمباشرة: الجماع، دون غيره من معاني (المباشرة). وهذا قول ابن عباس (?)، وعطاء (?)، والضحاك (?)، والربيع (?)، وقتادة (?)، والسدي (?)، ومجاهد (?). وهو قول الأكثرين (?).