والثاني: أن معنى الآيتين خاص وإن كان لفظهما عاما، تقديرهما: {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ} إن شئت، كما قال: {فيكشف ما تدعون إليه إن شاء} [الأنعام: 41}، أو أجيب دعوة الداعي إن وافق القضاء أو: أجيبه إن كانت الإجابة خيرا له أو أجيبه إن لم يسأل محالا.

روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ قَدْ دَعَوْتُ وَقَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ" (?).

والثالث: أنه عام، ومعنى قوله {أُجِيب} أي اسمع، ويقال ليس في الآية أكثر من إجابة الدعوة، فأما إعطاء المنية فليس بمذكور فيها، وقد يجيب السيد عبده، والوالد ولده ثم لا يعطيه سؤله فالإجابة كائنة لا محالة عند حصول الدعوة.

والرابع: أن معنى الآية: أنه لا يخيِّب دعاءه، فإن قدر له ما سأل أعطاه، وإن لم يقدره له ادخر له الثواب في الآخرة، أو كف عنه به سوءا والدليل عليه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ما على الأرض رجل مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه، الله إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم" (?).

والخامس: إن الله تعالى يجيب دعاء المؤمن في الوقت ويؤخر إعطاء مراده ليدعوه فيسمع صوته ويعجل إعطاء من لا يحبه لأنه يبغض صوته.

والسادس: إن للدعاء آدابا وشرائط وهي أسباب الإجابة فمن استكملها كان من أهل الإجابة، ومن أخل بها فهو من أهل الاعتداء في الدعاء فلا يستحق الإجابة (?).

وفي قوله تعالى: {يَرْشُدُونَ}] البقرة: 186]، وجوها من القراءة (?):

أحدها: {يَرْشَدُونَ}، بفتح الشين.

والثاني: {يَرشِدون}، بكسر الشين. قرأ بها ابن أبي عبلة وأبو حيوة (?).

والثالث: {يُرْشَدُون}، بضم الياء، وفتح الشين (?).

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: أن الصيام مظنة إجابة الدعاء؛ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر هذه الآية في أثناء آيات الصيام؛ ولا سيما أنه ذكرها في آخر الكلام على آيات الصيام.

وقال بعض أهل العلم: يستفاد منها فائدة أخرى: أنه ينبغي الدعاء في آخر يوم الصيام - أي عند الإفطار.

2 - ومنها: رأفة الله عز وجل؛ لقوله تعالى: {وإذا سألك عبادي}، حيث أضافهم إلى نفسه تشريفاً، وتعطفاً عليهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015