أبواب النار فلم يُفتح منها بابٌ، وفُتِّحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها بابٌ، ويُنادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، وياباغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة"، وفي لفظ للبخاري: "وفتحت أبواب السماء"، وفي لفظ لمسلم: "وفتح أبواب الرحمة"، وفي لفظ للبخاري ومسلم: "وسلسلت الشياطين" (?).

وفي حديث آخر: "أتاكم رمضان شهر مبارك، فرض الله - عز وجل - عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغلُّ فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِم خيرَها فقد حرم "، ولفظ أحمد: "تفتح فيه أبواب الجنة " بدلاً من "أبواب السماء" (?).

وربما أسقطت العرب ذكر الشهر من رمضان، قال الشاعر (?):

جَارِيةٌ في دِرْعِهَا الفَضْفَاضِ ... أَبْيَضُ مِنْ أُخْتِ بَنِي إِبَاضِ

جَارِيةٌ في رَمَضَانَ المَاضِي ... تَقْطَعُ الحَدِيثَ بِالإِيمَاضِ

وهذا اختيار الجمهور: قَالَ الإِمَامُ النَّوويُّ - رحمهُ اللَّهُ-: " والصَّوابُ _ واللَّهُ أعلمُ _ مَا ذَهَبَ إليهِ الإمامُ أَبُو عبدِ اللَّهِ البُخاريُّ في " صَحِيحِهِ "، وغيرُ وَاحِدٍ منَ العُلماءِ المُحقِّقينَ؛ أنَّهُ لا كَرَاهَةَ مُطْلقاً كَيْفَمَا قَالَ؛ لأنَّ الكَرَاهَةَ لا تَثْبُتُ إلاَّ بالشَّرْعِ، ولَمْ يَثْبُتْ في كَرَاهَتِهِ شَيْءٌ، بلْ ثَبَتَ في الأحاديثِ جوازُ ذَلِكَ، والأحاديثُ فيهِ منَ الصَّحِيحَيْنِ وغيرِهِمَا أكثرُ منْ أنْ تُحْصَرَ، ولَوْ تَفَرَّغْتُ لجمعِ ذَلِكَ رَجوتُ أنْ يَبْلُغَ أحاديثُهُ مِئِينَ، لكنَّ الغرضَ يحصلُ بحَدِيثٍ وَاحِدٍ " (?).

وَقَالَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ: " وَقَدْ يُتَمَسَّكُ لِلتَّقْيِيدِ بالشَّهرِ بِوُرُودِ القُرآنِ بِهِ حيثُ قالَ {شَهْرُ رَمَضَانَ} [البقرة: 185]، مَعَ احْتِمَالِ أنْ يكونَ حَذْفُ لفظِ شَهْرٍ منَ الأَحَادِيثِ منْ تَصَرُّفِ الرُّواةِ، وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ في عَدَمِ جَزْمِ المُصنِّفِ _ يعني: البُخاريَّ _ بالحُكْمِ، ونُقِلَ عنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ الكَرَاهِيةُ، وعنِ ابنِ البَاقِلاَّنِيِّ _ مِنْهُمْ _، وكَثِيرٍ منَ الشَّافعيَّةِ: إنْ كَانَ هُنَاكَ قرينةٌ تَصْرِفُهُ إلى الشَّهرِ فلا يُكْرَهُ، والجمهورُ عَلَى الجَوَازِ" (?).

وَقَالَ السُّيُوطيُّ: " قَالَ النُّحَاةُ: وشَهْرُ رَمَضَانَ أَفْصَحُ منْ تَرْكَ الشَّهْرِ " (?).

ومعنى قوله تعالى: {الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْءَانُ} [البقرة: 185]؛ أي "إبتديء فيه إنزاله" (?)، إذ "نزل في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا، في ليلة القدر من شهر رمضان. ثم أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم على ما أراد الله إنزاله إليه" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015