الفوائد:
1 - من فوائد الآية: أن من خاف جوراً أو معصية من موصٍ فإنه يصلح؛ وهذا يشمل ما إذا كان قبل موت الموصي، أو بعده؛ مثاله قبل موت الموصي: أن يستشهد الموصي، أو يستكتب شخصاً لوصيته، فيجد فيها جوراً، أو معصية، فيصلح ذلك؛ ومثاله بعد موته: أن يُطَّلع على وصية له تتضمن ما ذُكر فتُصْلح؛ مثال ذلك أن يوصي لوارث، فيُطَّلع على ذلك بعد موته، فتُصْلح الوصية إما باستحلال الوارث الرشيد؛ وإما بإلغائها إذا لم يمكن.
2 - ومن فوائد الآية: رفع الإثم عن الوصي إذا أصلح لخوفه جنفاً، أو إثماً.
3 - ومنها: فضيلة الإصلاح؛ لقوله تعالى: {فأصلح بينهم}؛ فإن في الإصلاح درء الإثم عن الموصي، وإزالة العداوة، والشحناء بين الموصى إليهم والورثة.
4 - ومنها: أنه قد يعبر بنفي الإثم، أو نفي الجناح دفعاً عن توهمه؛ وعليه فلا ينافي المشروعية، كما في قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوَّف بهما} [البقرة: 158 ولما كان تبديل الوصية إثماً نفى الله الإثم عمن أصلح؛ ثم تعود المسألة إلى القواعد العامة التي مقتضاها وجوب الإصلاح، ورفع الجنف، والإثم.
5 - ومنها: أن تغيير الوصية لدفع الإثم جائز؛ بل هو واجب بدليل آخر؛ وأما تغيير الوصية لما هو أفضل ففيه خلاف بين أهل العلم؛ فمنهم من قال: إنه لا يجوز؛ لعموم قوله تعالى: {فمن بدله بعد ما سمعه} [البقرة: 181]؛ ولم يستثن إلا ما وقع في إثم فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير؛ ومنهم من قال: بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى الله عز وجل، ونفع الموصى له، فكلما كان أقرب إلى الله، وأنفع للموصى له كان أولى أيضاً؛ والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل؛ وقد يكون الأفضل في وقت ما غير الأفضل في وقت آخر؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو أفضل مع وجوب الوفاء به؛ فالرجل الذي جاء إليه، وقال: إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: «صلِّ ها هنا» فأعاد عليه فقال: «صل ها هنا» فأعاد الثالثة فقال -صلى الله عليه وسلم-: «شأنك إذاً» (?)؛ والذي أرى في هذه المسألة أنه إذا كانت الوصية لمعين فإنه لا يجوز تغييرها، كما لو كانت الوصية لزيد فقط؛ أو وقف وقفاً على زيد فإنه لا يجوز أن يغير لتعلق حق الغير المعين به؛ أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما هو أفضل.
6 - ومن فوائد الآية: إثبات اسمين من أسماء الله؛ وهما «الغفور» و «الرحيم»؛ وما تضمناه من وصف، وحكم.
القرآن
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)} [البقرة: 183]
التفسير:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم قبلكم؛ لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وعبادته وحده.
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 183]، أي: "يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وصدقوا بهما وأقرُّوا" (?).
قال المراغي: " أي: يا أيها الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله" (?).