السادس: وقيل: "حياة لارتداع من يهم به في الآخرة إذ استوفى منه القصاص في الدنيا فإنه في الآخرة لا يقتص منه، وإن لم يقتص اقتص منه في الآخرة. فلا تحصل له تلك الحياة التي حصلت لمن اقتص منه". حكاه أبو حيان (?).
قال الماوردي: " وفي المعنيين [الأول والثاني] تقارب، والثاني أعم، وهو معنى قول السدي " (?).
وقد نكَّر {الحياة}، لإفادة التعظيم والتكثير، والمعنى: "حياة كبرى، أو عظمى" (?).
قال الزمخشري: " {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ}، كلام فصيح لما فيه من الغرابة، وهو أنّ القصاص قتل وتفويت للحياة، وقد جعل مكانا وظرفا للحياة، ومن إصابة محز البلاغة بتعريف القصاص وتنكير الحياة لأنّ المعنى: ولكم في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة، وذلك أنهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة، وكم قتل مهلهل بأخيه كليب حتى كاد يفنى بكر بن وائل، وكان يقتل بالمقتول غير قاتله فتثور الفتنة ويقع بينهم التناحر، فلما جاء الإسلام بشرع القصاص كانت فيه حياة أىّ حياة، أو نوع من الحياة، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل" (?).
وقرأ أبو الجوزاء أوس بن عبدالله الربعي {ولكم في القصص حياة} (?)، وفي هذه القراءة وجوها من المعنى (?):
أحدها: أن المعنى: فيما قص عليكم من حكم القتل والقصاص.
والثاني: أن {القصص}: القرآن، أي: لكم في القرآن حياة القلوب، كقوله: {رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى: 52]، وكقوله: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122].
والثالث: أن يكون مصدراً كالقصاص، أي: أنه إذا قص أثر القاتل قصصاً قتل كما قتل. قاله ابن عطية (?).
قال النحاس: "قراءة أبي الجوزاء شاذة " (?).
قوله تعالى: {يَا أُولِي الألْبَابِ} [البقرة: 179]، أي" يا أولي العقول" (?).
قال الثعلبي: " يا ذوي العقول" (?).
قال ابن كثير: أي: "يا أولي العقول والأفهام والنهى" (?).
قال الماوردي: " يعني يا ذوي العقول، لأن الحياة في القصاص معقولة بالاعتبار " (?).
قال الرازي: و"المراد به العقلاء الذين يعرفون العواقب ويعلمون جهات الخوف، فإذا أرادوا الإقدام على قتل أعداءهم، وعلموا أنهم يطالبون بالقود صار ذلك رادعا لهم لأن العاقل لا يريد إتلاف غيره بإتلاف نفسه فإذا خاف ذلك كان خوفه سببا للكف والامتناع، إلا أن هذا الخوف إنما يتولد من الفكر الذي ذكرناه ممن