قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175]، " أي: ما أشدَّ صبرهم على نار جهنم؟ " (?).

قال الصابوني: "وهو تعجيب للمؤمنين من جراءة أولئك الكفار على اقتراف أنواع المعاصي" (?).

قال أهل المعاني: "وإنما جاز استعمال الصبر بمعنى الجرأة؛ لأن الصبر حبس النفس على الشدة، والجريء يصبر نفسه على الشدة، فلما كانت الجرأة تقتضي الصبر سميت به" (?).

وقال السدي: "هذا على وجه الاستهانة" (?).

واختلف في تفسير قوله تعالى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175]، على وجوه (?):

أحدها: فما أجرأهم وأدومهم على العمل الذي يقرِّبُهم إلى النار. قاله قتادة (?)، والحسن (?)، وسعيد بن جبير (?)، والربيع (?).

الثاني: أن المعنى: فما أعملهم بأعمال أهل النار. وهذا قول مجاهد (?).

الثالث: وقيل: يخبر تعالى أنَّهم في عذاب شديد عظيم هائل، يتعجَّبُ من رآهم فيها من صبرهم على ذلك، مع شدة ما هم فيه من العذاب، والنكال، والأغلال عياذًا بالله من ذلك (?).

كما اختلفوا في إعراب {ما} التي في قوله: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} [البقرة: 175، وفيه وجهان (?):

أحدهما: أنها تفيد الاستفهام، ومعناه: التوبيخ، أي: ما الذي صبرهم؟ وأي شيء صبرهم على النار حين تركوا الحق واتبعوا الباطل؟ فقيل هذا على وجه الاستهانة.

وهذا قول السدي (?)، وعطاء (?)، وأبو العالية (?)، وأبوبكر بن عياش (?)، وابن زيد (?)، ويزيد بن أبي حبيب (?).

ومعنى الآية على هذا القول: "هؤلاء الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، فما أصبرهم على النار - والنار لا صبر عليها لأحد - حتى استبدلوها بمغفرة الله فاعتاضوها منها بدلا؟ " (?).

الثاني: أنها تفيد التعجُّب. واختلفوا في معناه على النحو الآتي:

أولا: فقال الحسن (?)، وقتادة (?)، والربيع (?): والله ما لهم عليها من صبر، ولكن ما أجرأهم على العمل الذي يقربهم إلى النار. قال: وهذه لغة يمانية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015