الطريق الثاني في الآية: إجراء الآية على ظاهرها من غير إضمار، وفيه وجهان (?):
أحدهما: مثل الذين كفروا في قلة عقلهم في عبادتهم لهذه الأوثان، كمثل الراعي إذا تكلم مع البهائم فكما أنه يقضى على ذلك الراعي بقلة العقل، فكذا هاهنا.
الثاني: أن معناها: ومثل الكفار في قلة فهمهم وعقلهم، كمثل الرعاة يكلمون البهم، والبهم لا تعقل عنهم، فكما أن الكلام مع البهائم عبث عديم الفائدة، فكذا التقليد عبث عديم الفائدة. وعلى هذا التفسير لا تحتاج الآية إلى إضمار (?).
قوله تعالى: {صُمٌّ} [البقرة: 171]، أي: "صُمٌّ عن سماع الحق" (?).
قال الصابوني: "أي هم كالصم لا يسمعون خيراً" (?).
قال الماوردي: " أي: صم عن الوعظ فلا يسمعونه" (?).
قال ابن عباس: " لا يسمعون الهدى" (?). وروي نحوه عن السدي (?)، وقتادة (?)، وأبي مالك (?).
فهؤلاء "فى عدم سماعهم للحق الذى دعوا إليه، كالصم الذين لا يسمعون، وهو تشبيه حالهم المعنوية فى عدم سماعهم لدعوة الحق إذا نادى المنادى به بحال الأصم الذى لا يسمع شيئا" (?).
و(الصمم) في كلام العرب: الانسداد، يقال: قناة صماء إذا لم تكن مجوفة، وصممت القارورة إذا سددتها. فالأصم: من انسدت خروق مسامعه. والأبكم: الذي لا ينطق ولا يفهم، فإذا فهم فهو الأخرس. وقيل: الأخرس والأبكم واحد. ويقال: رجل أبكم وبكيم، أي أخرس بين الخرس والبكم، (?) قال الشاعر (?):
فليت لساني كان نصفين منهما ... بكيم ونصف عند مجرى الكواكب
قوله تعالى: {بُكْمٌ} [البقرة: 171]، أي: "بُكْمٌ لا يتفوهون بالحق" (?).
فشبّه حالهم "فى عدم نطقهم بالحق، واستجابتهم له بحال الابكم الذى لا يتكلم" (?).
قال الماوردي: أي: " بكم عن الحق فلا يذكرونه" (?).
قال الثعلبي: أي: " بكم عن الخير فلا يقولونه" (?).
قال الصابوني: أي" كالخرص لا يتكلمون بما ينفعهم" (?).
قال قتادة: " بكم عنه [أي الحق]، فهم لا ينطقون به" (?).