أحدها: أن المعنى: " يحبونهم كحبكم أنتم لله" (?)، أي: يحبون الأصنام كما يحب المؤمنون ربهم، فأضيف المصدر إلى المحبوب.
ومنه قول الشاعر (?):
ولست مسلما ما دمت حيا ... على زيدكتسليم الأمير
أراد: كتسليمي على الأمير، وهذا قول الفراء (?).
ويوافقه تفسير ابن عباس، فإنه قال: "يريد: كحب الذين آمنوا الله " (?).
قال الواحدي: فكثير من العلماء (?) على هذه الطريقة فلم يثبتوا للكفار حبا لله، وجعلوا حب الله للمؤمنين، وشبهوا حب الكفار للأصنام بحب المؤمنين لله" (?).
واعترض الزجاج على هذا الوجه، فقال: "وهذا قول ليس بشيء، ودليل نقضه قوله: {والذين آمنوا أشد حبا لله}، والمعنى أن المخلصين الذين لا يشركون مع الله غيره هم المحبون حقا" (?).
الثالث: أن معناه: يحبون الأصنام حبا لا يستحق مثل ذلك الحب إلا الله، ويحبونهم كما ينبغي لهم أن يحبوا الله، فالمعنى فيه: كالحب المستحق لله. قاله أبو روق (?).
الثالث: أن المعنى: يسوون بين هذه الأصنام وبين الله عز وجل في الحب، فيكون تقدير الآية: يحبونهم كحبهم الله، فيضاف الحب إلى الله عز وجل، والمشركون هم المحبون، وعلى المشركين في تسويتهم بين الله عز وجل والأصنام في المحبة أعظم الحجج وأوكدها، إذ أحبوا وعبدوا ما لا ينفع ولا يضر، ولا يحيي ولا يميت. وقد بين الله -عز اسمه- ما يدل على هذا المعنى في قوله: {والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3].
وهذا القول اختيار الزجاج (?)، وابن كيسان (?)، واختاره الرازي (?)، وعلى هذا فقد أثبت للمشركين حبا لله، شبه حبهم الأصنام بحبهم الله تعالى (?).
وقد جاء الضمير في قوله {يُحِبُّونَهُمْ} جمعاً للعاقل دون أن يأتي بضمير المؤنث - مع أن الأكثر من هذه الأنداد أنها لا تعقل؛ وغير العاقل يكون ضميره مؤنثاً - باعتبار عقيدة عابديها؛ لأنهم يعتقدون أنها تنفع وتضر (?).
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]، أي: "أن الذين آمنوا أشد حباً لله من هؤلاء لأصنامهم" (?).