الأول: أن الضمير إذا وجد له مذكور متقدم فرده إليه أولى من رده إلى ما لم يذكر.
الثاني: أن حمل هذا الضمير على اللعنة أكثر فائدة من حمله على النار، لأن اللعنة هو الإبعاد من الثواب بفعل العقاب في الآخرة وإيجاده في الدنيا فكان اللعن يدخل فيه النار وزيادة فكان حمل اللفظ عليه أولى.
الثالث: أن قوله: {خالدين فيها} إخبار عن الحال، وفي حمل الضمير على اللعن يكون ذلك حاصلا في الحال، وفي حمله على النار لا يكون حاصلا في الحال، بل لا بد من التأويل؛ فكان ذلك أولى.
قوله تعالى: {لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ} [البقرة: 162]، "أي لا يهوَّن عنهم، لا زمناً، ولا شدة، ولا قوة" (?).
قال الصابوني: "أي: إن عذابهم في جهنم دائم لا ينقطع" (?).
قال الثعلبي: " لا يرفه عنهم العذاب" (?)، وقال أيضا: لا" يهون" (?).
قال ابن كثير: أي: "لا ينقص عَمَّا هم فيه" (?). وقال أيضا: ": " أي: لا يفتر عنهم ساعة واحدة" (?).
قال الطبري: " فإنه خبرٌ من الله تعالى ذكره عن دَوَام العذاب أبدًا من غير توقيت ولا تخفيف، كما قال تعالى ذكره: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} [سورة فاطر: 36]، وكما قال: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [سورة النساء: 56] " (?).
قوله تعالى: {وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ} [البقرة: 162]، " أي لا يمهلون ولا يؤجلون" (?).
قال أبو حيان: " نفى الأنظار، وهو تأخير العذاب" (?).
قال ابن عباس: " لا يؤخرون" (?).
وقال عطاء عن ابن عباس: "يريد: للرجعة ولا للتوبة ولا للمعذرة" (?).
قال الطبري: يعني: "ولا هُم يُنظرون بمعذرة يَعتذرون، كقوله: {هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [سورة المرسلات: 35 - 36] " (?). وهذا قول أبي العالية (?).
قال البيضاوي: " أي لا يمهلون، أو لا ينتظرون ليعتذروا، أو لا ينظر إليهم نظر رحمة" (?).
قال الزمخشري: " أى: لا يمهلون ولا يؤجلون، أو لا ينتظرون ليعتذروا. ولا ينظر إليهم نظر رحمة" (?).