قلوب عباده مودته، ومحبته، والقبول له حتى في السماء؛ ونحن نعلم ذلك - وإن لم يرد به نص خاص - عن طريق القياس الجلي: فإذا كان الله سبحانه وتعالى يعاقب الكاتمين بهذه العقوبة الواقعة منه، ومن عباده؛ وهو الذي سبقت رحمته غضبه، فالذين يبينون البينات، والهدى يستحقون أن يثني الله سبحانه وتعالى عليهم بدلاً من اللعنة، ويقربهم بدلاً من البعد.

17 - ومن فوائد الآية: أنه يجب على من قال قولاً باطلاً، ثم تبين له بطلانه أن يبينه للناس إلا إذا كان اختلاف اجتهاد فلا يلزمه أن يبين بطلان ما سبق؛ لأنه لا يدري أيّ الاجتهادين هو الصواب.

القرآن

{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} [البقرة: 160]

التفسير:

إلا الذين رجعوا مستغفرين الله من خطاياهم، وأصلحوا ما أفسدوه، وبَيَّنوا ما كتموه، فأولئك أقبل توبتهم وأجازيهم بالمغفرة، وأنا التواب على من تاب من عبادي، الرحيم بهم؛ إذ وفقتُهم للتوبة وقبلتها منهم.

قوله تعالى: {ِإلا الَّذِينَ تَابُوا} [القرة: 160]، "أي إِلا الذين ندموا على ما صنعوا" (?).

قال أبو حيان: أي" عن الكفر إلى الإسلام، أو عن الكتمان ءلى الإظهار" (?).

قال البيضاوي: أي: " عن الكتمان وسائر ما يجب أن يتاب عنه" (?).

قال السعدي: أي: "رجعوا عما هم عليه من الذنوب، ندما وإقلاعا، وعزما على عدم المعاودة" (?).

قال ابن عطية: " توبة الله على عبده: رجوعه به عن المعصية إلى الطاعة" (?).

قوله تعالى: {وَأَصْلَحُوا} [البقرة: 160]، أي: "وأصلحوا ما أفسدوه بالكتمان" (?).

قال الواحدي: " أي: أصلحوا السريرة بإظهار أمر محمد - صلى الله عليه وسلم" (?).

قال أبو حيان: أي: " ما أفسدوا من قلوبهم بمخالطة الكفر لها، أو ما أفسدوا من أحوالهم مع الله، أو أصلحوا قومهم بالإِرشاد إلى الإِسلام بعد الإضلال" (?).

قال السعدي: أي: أصلحوا "ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن" (?).

قال البيضاوي: " ما أفسدوا بالتدارك" (?).

قال قتادة: "يقول: أصلحوا فيما بينهم وبين الله" (?).

قوله تعالى: {وَبَيَّنُوا} [البقرة: 160]، أي "وبينوا للناس حقيقة ما أنزل الله" (?).

قال ابن زيد: " {بيّنوا}: ما في كتاب الله للمؤمنين، وما سألوهم عنه من أمر النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا كله في يهود" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015