قال القرطبي: " وصلاة الله على عبده: عفوه ورحمته وبركته وتشريفه إياه في الدنيا والآخرة. وقال الزجاج: الصلاة من الله عز وجل الغفران والثناء الحسن. ومن هذا الصلاة على الميت إنما هو الثناء عليه والدعاء له" (?).
قال الطبري: " وصلوات الله على عباده، غُفرانه لعباده، كالذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " اللهم صَلِّ على آل أبي أوْفى" (?)، يعني: اغفر لَهم" (?).
قال البيضاوي: " الأصل [في الصلاة]: الدعاء، ومن الله تعالى التزكية والمغفرة، وجمعها للتنبيه على كثرتها وتنوعها. والمراد بالرحمة اللطف والإِحسان" (?).
قال الزجاج: " الصلاة في اللغة على ضرببن:
أحدهما الركوع والسجود.
والآخر: الرحمةوالثناء والدعاء.
فصلاة الناس على الميت إنما معناها الدعاء، والثناء على الله صلاة، والصلاة من الله عز وجل على أنبيائه وعباده معناها الرحمة لهم، والثناء عليهم" (?).
وقد اختلف في أصل (الصلاة)، على ثلاثة أقوال:
أحدهما: أنها: الدُّعاءُ، كما قال الأعشى (?):
لَهَا حَارِسٌ لا يَبْرَحُ الدَّهْرَ بَيْتَهَا ... وَإِنْ ذُبِحَتْ صَلَّى عَلَيْهَا وَزَمْزَمَا
يعني بذلك: دعا لها، وكقول الأعشى أيضًا (?):
وَقَابَلَهَا الرِّيحَ فِي دَنِّهَا ... وصَلَّى عَلَى دَنِّهَا وَارْتَسَمْ
قال الطبري: " وأرى أن الصلاة المفروضة سُمِّيت " صلاة "، لأنّ المصلِّي متعرِّض لاستنجاح طَلِبتَه من ثواب الله بعمله، مع ما يسأل رَبَّه من حاجاته، تعرُّضَ الداعي بدعائه ربَّه استنجاحَ حاجاته وسؤلَهُ" (?).
الثاني: أنها من الرحمة. قاله أبو عبية (?)، واحتجّ بقول الأعشى (?):
تقولُ بنتي وقد قَرّبْتُ مُرْتَحِلًا ... يا رَبِّ جَنِّبْ أَبِي الأوصابَ والوجعا
عليكِ مِثْلُ الذي صلَّيتِ فاغتمضي ... نومًا فإنّ لجنب المرء مضطجَعا
قال: عليك مثل دعائك، أي: ينالك من الخير مثل الذي أردت لي. فأبو عبيدة يجعل صليت بمعنى: ترحمت (?).