ولو ثبت على قبلتنا لكُنا نرجو أن يكون هو صاحبَنا الذي ننتظر! فأنزل الله عز وجل فيهم: {وإنّ الذين أوتوا الكتابَ ليعلمون أنه الحق من ربهم}، إلى قوله: {ليكتمون الحق وهم يعلمون} " (?).
وروي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (?)، وقتادة (?)، نحوه
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ} [البقرة: 144]، " أي ولئن جئت اليهود والنصارى بكل معجزة على صدقك في أمر القبلة" (?).
قال ابن عثيمين: أي" إن أتيتهم بكل آية تدل على صدق ما أتيت به" (?).
قال الطبري: أي: " ولئن جئتَ، يا محمد، اليهودَ والنصارَى، بكل برهان وحُجة، بأن الحق هو ما جئتهم به، من فرض التحوُّل من قبلة بيت المقدس في الصلاة، إلى قبلة المسجد الحرام" (?).
واختلفوا في قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [البقرة: 144]، على قولين (?):
أحدهما: أن المراد علماؤهم الذين أخبر الله تعالى عنهم في الآية المتقدمة بقوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} [البقرة: 144]. قاله الأصم (?).
الثاني: أن المراد جميع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، واحتجوا عليه بأن قوله: {الذين أوتوا الكتاب} صيغة عموم فيتناول الكل.
قوله تعالى: {مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} [البقرة: 144]، أي: " ما اتبعوك يا محمد ولا صلّوا إلى قبلتك" (?).
قال ابن عثيمين: " أي الكعبة؛ لعنادهم، واستكبارهم" (?).
قال الطبري: أي: "ما صدّقوا به، ولا اتَّبعوا - مع قيام الحجة عليهم بذلك - قبلتَك التي حوَّلتُك إليها، وهي التوجُّه شَطرَ المسجد الحرام" (?).
قال الزجاج: أي" فإن أهل الكتاب قد علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حق وأن صفته ونبوته في كتابهم، وهم يحققون العلم بذلك فلا تغني الآيات عند من يجد ما يعرف" (?).
قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} [البقرة: 145]، أي: "وما لك من سبيل يا محمد إلى اتّباع قبلتهم" (?).
قال ابن عطية: " لفظ خبر يتضمن الأمر، أي فلا تركن إلى شيء من ذلك" (?).
قال الطبري: " وذلك أن اليهود تستقبل بيت المقدس بصلاتها، وأن النصارى تستقبل المشرقَ، فأنَّى يكون لك السبيل إلى إتباع قِبلتهم. مع اختلاف وجوهها؟ يقول: فالزم قبلتَك التي أمِرت بالتوجه إليها، ودعْ عنك ما تقولُه اليهود والنصارى وتدعُوك إليه من قبلتهم واستقبالها" (?).
وذكروا في قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ} [البقرة: 145]، وجوها (?):