قال النسفي: " أي إن أحداً لا ينفعه كسب غيره متقدماً كان أو متأخراً، فكما أن أولئك لا ينفعهم إلا ما اكتسبوا فكذلك أنتم لا ينفعكم إلا ما اكتسبتم وذلك لافتخارهم بآبائهم" (?).

قوله تعالى: {وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 141]، " أي لا تسألون يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا بل كل نفسٍ تتحمل وحدها تبعة ما اكتسبت من سوء" (?).

أي "لا تُسألون عن أعمال من سبقكم" (?).

قال النسفي: أي: " ولا تؤاخذون بسيئاتهم" (?).

قال ابن عثيمين: " لأن لهم ما كسبوا، ولكم ما كسبتم" (?).

قال القرطبي: "أي لا يؤاخذ أحد بذنب أحد، مثل قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] أي لا تحمل حاملة ثقل أخرى" (?).

قال الثعلبي: " وإنّما تسألون عمّا تعملون أنتم" (?).

قال البيضاوي: " أي لا تؤاخذون بسيئاتهم، كما لا تثابون بحسناتهم (?).

قال الصابوني: " أي لا تسألون يوم القيامة عما كانوا يعملون في الدنيا بل كل نفسٍ تتحمل وحدها تبعة ما اكتسبت من سوء" (?).

قال القاسمي: " أي فعليكم بترك الكلام في تلك الأمة. فلها ما كسبت. وانظروا فيما دعاكم إليه خاتم النبيين محمد صلّى الله عليه وسلّم فإن ذلك أنفع لكم وأعود عليكم. ولا تسألون إلا عن عملكم" (?).

قال المراغي: أي: "ولا يسأل أحد عن عمل غيره، بل يسأل عن عمل نفسه ويجازى به، فلا يضره ولا ينفعه سواه، وهذه قاعدة أقرتها الأديان جميعا وأيّدها العقل كما قال: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: 38 - 39]، لكن غلبة الجهل جعلت الناس يعتمدون في طلب سعادة الآخرة، وبعض مصالح الدنيا على كرامات الصالحين، وساعدهم على ذلك رؤساء الأديان فأوّلوا لهم نصوص الدين اتباعا للهوى، ومن ثمّ جاء القرآن يقرّر ارتباط السعادة بالكسب والعمل، وينفى الانتفاع بالأنبياء والصالحين لمن لم يقتد بهم في صالح أعمالهم، وقد حاجّ بذلك أهل الكتاب الذين يفتخرون بأسلافهم ويعتمدون على شفاعتهم وجاههم ليقطع أطماعهم في تلك الشفاعة. وعلينا معشر المسلمين أن نجعل نصب أعيننا ورائدنا في أعمالنا تلك القاعدة - الجزاء على العمل - ولا نغتر بشفاعة سلفنا الصالح، ونجعلها وسيلة لنا في النجاة إذا نحن قصّرنا في عملنا، فكل من السلف والخلف مجزىّ بعمله، ولا ينفع أحدا عمل غيره" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015