ويجوز له؟ ! ! ! وهذه في الحقيقة حجة ملزمة مفحمة مقحمة لهؤلاء الذين يتحكمون في صفات الله تعالى بعقولهم، فيقولون: «يجب لله كذا؛ يمتنع عليه كذا»؛ نقول: {أأنتم أعلم أم الله}.

4 - ومن فوائد الآية: عظم كتم العلم؛ لقوله تعالى: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله}؛ فإن العالم بشريعة الله عنده شهادة من الله بهذه الشريعة، كما قال الله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم} [آل عمران: 18]؛ فكل إنسان يكتم علماً فقد كتم شهادة عنده من الله؛ ثم إن في هذا عظم إثمه؛ لقوله تعالى: {ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله}.

5 - ومنها: كمال علم الله، ومراقبته لعباده؛ لقوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون}.

6 - ومنها: ثبوت الصفات المنفية؛ وهي ما نفاه الله سبحانه وتعالى عن نفسه؛ لقوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون}؛ فإن هذه صفة منفية، وليست ثبوتية؛ والصفات المنفية متضمنة لإثبات كمال ضدها؛ فلكمال مراقبته، وعلمه سبحانه وتعالى ليس بغافل عما نعمل.

7 - ومنها: تخويف الإنسان، وإنذاره من المخالفة؛ لقوله تعالى: {وما الله بغافل عما تعملون}؛ فإياك والمخالفة؛ مثلما تهدد إنساناً بشيء تقول: لست بغافل عنك.

8 - ومنها: إضافة العمل إلى العامل؛ ففيه رد على الجبرية الذين يقولون: «إن الإنسان مجبر على عمله»؛ لقوله تعالى: {عما تعملون}.

القرآن

{تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)} [البقرة: 141]

التفسير:

تلك أُمَّة من أسلافكم قد مضَتْ، لهم أعمالهم ولكم أعمالكم، ولا تُسْألون عن أعمالهم، وهم لا يُسْألون عن أعمالكم. وفي الآية قطع للتعلق بالمخلوقين، وعدم الاغترار بالانتساب إليهم، وأن العبرة بالإيمان بالله وعبادته وحده، واتباع رسله، وأن من كفر برسول منهم فقد كفر بسائر الرسل.

وهذه الآية جاءت تأكيدا وقد تقدم تفسيرها (?)، وكررها، "لقطع التعلق بالمخلوقين، وأن المعول عليه ما اتصف به الإنسان، لا عمل أسلافه وآبائه، فالنفع الحقيقي بالأعمال، لا بالانتساب المجرد للرجال" (?).

قال الصابوني: " كرّرها، لأنها تضمنت معنى التهديد والتخويف، أي إِذا كان أولئك الأنبياء على فضلهم وجلاله قدرهم يجازون بكسبهم فأنتم أحرى " (?).

قال البيضاوي: " تكرير للمبالغة في التحذير والزجر عما استحكم في الطباع من الافتخار بالآباء والاتكال عليهم. قيل: الخطاب فيما سبق لهم، وفي هذه الآية لنا تحذيراً عن الاقتداء بهم. وقيل: المراد بالأمة في الأول الأنبياء، وفي الثاني أسلاف اليهود والنصارى" (?).

قوله تعالى: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ} [البقرة: 141]، "أي: إن جماعة الأنبياء قد مضت بالموت" (?).

قال الصابوني: " أي تلك جماعة وجيل قد سلف ومضى" (?).

قال الطبري: أي: "مضت لسبيلها، فصارت إلى ربها، وخَلتْ بأعمالها وآمالها" (?).

أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله: " {تلك}، يعني" هذه" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015