قال البقاعي: " ونحن أحسن أعمالاً منكم لأنا دونكم (له) وحده (مخلصون) لا نشرك به شيئاً وأنتم تشركون به عزيراً والمسيح والأحبار والرهبان، وأنتم تعلمون ذلك في باطن الأمر وإن أظهرتم خلافه، فلزم قطعاً أنا أخص به منكم" (?).

قال صاحب الكشاف: " ثم قال {وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} فجاء بما هو سبب الكرامة، أى ونحن له موحدون نخلصه بالإيمان فلا تستبعدوا أن يؤهل أهل إخلاصه لكرامته بالنبوّة، وكانوا يقولون: نحن أحق بأن تكون النبوة فينا، لأنا أهل كتاب والعرب عبدة أوثان" (?).

قال الثعلبي: " وهذه الآية منسوخة بآية السّيف" (?).

قال القرطبي: " والإخلاص حقيقته تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين" (?).

وقيل: أن" الإخلاص: عزل النفس جملة، فلا يبلغ عبد حقيقته حتى لا يحب أن يحمد على عمل" (?).

والإخلاص في اللغة: خَلَص يخلص خلوصًا: صفا وزال عنه شوبه، ويقال: خلص من ورطته: سلم منها، ونجا، ويقال: خلَّصه تخليصًا: أي نجّاه. والإخلاص في الطاعة: ترك الرياء (?).

وحقيقة الإخلاص: استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن، والرياء أن يكون ظاهره خيرًا من باطنه، والصدق في الإخلاص أن يكون باطنه أعْمَرَ من ظاهره.

وقيل: تصفية العمل من كل ما يشوبه (?).

ولهذا قال القاضي عياض: "تَرْك العمل من أجل الناس رياءٌ، والعملُ من أجل الناس شركٌ، والإخلاصُ أن يعافيَكَ الله منهما" (?).

والإخلاص: في حياة المسلم أن يَقصد بعمله، وقوله، وسائر تصرفاته، وتوجيهاته وتعليمه وجه الله تعالى وحده لا شريك له ولا رب سواه.

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: الإنكار على اليهود والنصارى الذين يحاجون المسلمين في الله مع إقرارهم بأنه ربهم؛ لقوله تعالى: {قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم}.

2 - ومنها: وجوب البراءة من أعمال الكفار؛ لقوله تعالى: {ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم}؛ فإن المراد بذلك البراءة مما هم عليه.

3 - ومنها: أنه ينبغي للمرء أن يفتخر بما هو عليه من الحق؛ لقوله تعالى: {ولنا أعمالنا} أي فنحن مفتخرون بها بريئون من أعمالكم.

4 - ومنها: أنه لا يجوز التشبه بأعداء الله؛ لأن المشابهة موافقة في العمل؛ لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبه بقوم فهو منهم» (?)؛ وهنا قال تعالى: {ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم}: فنحن متميزون عنكم، وأنتم متميزون عنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015