قوله تعالى: {وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138]، "أي ونحن نعبده جلّ وعلا ولا نعبد أحداً سواه" (?).

قال مقاتل: " يعني موحدون" (?).

قال الثعلبي: أي: " مطيعون" (?).

قال البيضاوي: " تعريض بهم، أي لا نشرك به كشرككم" (?).

قال البغوي: أي: "موحدون أو "مطيعون" (?).

قال الآلوسي: أي: "متبعون ملة إبراهيم أو خاضعون مستكنون في إتباع تلك الملة" (?).

قال أبو السعود: " أي لله الذي أولانا تلك النعمةَ الجليلةَ، {عابدون} شكراً لها ولسائر نعمه" (?).

فـ (العبادة) التذلل لله عزّ وجلّ بفعل أوامره محبة له، واجتناب نواهيه تعظيماً له مع شعور الإنسان بمنزلته، وأن منزلته أن يكون عبداً لله عزّ وجلّ.

قال الراغب: "وقوله: {وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} تعريض بهم أي لا نشرك [به] كشرككم" (?).

وتقديم المعمول في قوله تعالى: {لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138]، على عامله هنا له فائدتان (?):

أولهما: لفظية؛ وهي مراعاة فواصل الآيات.

والثانية: معنوية؛ وهي الحصر، والاختصاص؛ فهو كقوله تعالى: {إياك نعبد} [الفاتحة: 5].

الفوائد:

1 - من فوائد الآية: وجوب الالتزام بدين الله؛ لأن المعنى: الزموا صبغة الله عزّ وجلّ.

2 - ومنها: أن هذا الدين حق؛ لأن الله سبحانه وتعالى أضافه إلى نفسه؛ وكل ما يضاف إلى الله عزّ وجلّ فإنه حق.

3 - ومنها: أن دين الله سبحانه وتعالى أحسن الأديان، وأكملها، وأشملها، وأقومها بمصالح العباد؛ لقوله تعالى: {ومن أحسن من الله صبغة}.

4 - ومنها: وجوب إخلاص العبادة لله؛ لقوله تعالى: {ونحن له عابدون}؛ فقدم المعمول لإفادة الحصر؛ وعبادة الله فخر، وشرف للعبد؛ ولهذا جاء وصف العبودية في المقامات العليا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاءت في مقام الدفاع عنه في قوله تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا} [البقرة: 23]؛ وفي مقام تكريمه بالإسراء في قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} [الإسراء: 1]، وفي مقام رسالته، مثل قوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً} [الكهف: 1].

5 - ومن فوائد الآية: أن العقل يقضي بالتزام الدين؛ لقوله تعالى: {ومن أحسن من الله صبغة}؛ فإن العقل يهدي إلى التزام الأحسن؛ كل إنسان له عقل سليم فإن عقله يأمره بالتزام الأحسن.

القرآن

{قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ (139)} [البقرة: 139]

التفسير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015