حَقه فِي كَسبه فَعَلَيهِ أَن يكْتَسب وَلَا يسْأَل أحدا من النَّاس وَلَكِن لَهُ أَن يسْأَل ربه كَمَا فعل مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ {رب إِنِّي لما أنزلت إِلَيّ من خير فَقير} وَقد أمرنَا بذلك قَالَ الله تَعَالَى {واسألوا الله من فَضله} وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سلوا الله حَوَائِجكُمْ حَتَّى الْملح لقدوركم والشسع لنعالكم
قَالَ والمعطي أفضل من الْآخِذ وَإِن كَانَ الْآخِذ يُقيم بِالْأَخْذِ فرضا عَلَيْهِ وَهَذِه الْمَسْأَلَة تشْتَمل على ثَلَاث فُصُول أَحدهَا
أَن يكون الْمُعْطِي مُؤديا للْوَاجِب والآخذ قَادر على الْكسْب وَلكنه مُحْتَاج فَهُنَا الْمُعْطِي أفضل من الْآخِذ بالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ فِي الْإِعْطَاء مؤد للْفَرض والآخذ فِي الْأَخْذ مُتَبَرّع فَإِن لَهُ أَن لَا يَأْخُذ ويكتسب ودرجه أَدَاء الْفَرْض أَعلَى من دَرَجَة التَّبَرُّع كَسَائِر الْعِبَادَات فَإِن الثَّوَاب فِي أَدَاء المكتوبات أعظم مِنْهُ فِي النَّوَافِل وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن المفترض عَامل لنَفسِهِ والمتبرع عَامل لغيره وَعمل الْمَرْء لنَفسِهِ أفضل لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إبدأ بِنَفْسِك معنى هَذَا أَنه بِنَفس الْأَدَاء لنَفسِهِ يفرغ ذمَّة نَفسه فَكَانَ عَاملا لنَفسِهِ والآخذ بِنَفس الْأَخْذ لَا ينفع نَفسه بل بالتناول بعد الْأَخْذ وَلَا يدْرِي أيبقى إِلَى أَن يتَنَاوَل أَو لَا يبْقى وَلِهَذَا لَا منَّة للغني على الْفَقِير فِي أَخذ الصَّدَقَة لِأَن مَا يحصل بِهِ للغني فَوق مَا يحصل للْفَقِير من