ويتقوى بِهِ على الطَّاعَة فَيكون مُسْتَحقّا عَلَيْهِ كالكسب سَوَاء فِي حق من هُوَ قَادر على الْكسْب وَمعنى الذل فِي السُّؤَال فِي هَذِه الْحَالة مَمْنُوع أَلا ترى أَن الله تَعَالَى أخبر عَن مُوسَى ومعلمه عَلَيْهِمَا السَّلَام أَنَّهُمَا سَأَلَا عِنْد الْحَاجة فَقَالَ عز وَجل {استطعما أَهلهَا} والاستطعام طلب الطَّعَام وَمَا كَانَ ذَلِك مِنْهُمَا بطرِيق الْأُجْرَة أَلا ترى أَنه قَالَ {لَو شِئْت لاتخذت عَلَيْهِ أجرا} فَعرفنَا أَنه كَانَ بطرِيق الْبر على سَبِيل الْهَدِيَّة وَالصَّدَََقَة على مَا اخْتلفُوا أَن الصَّدَقَة هَل كَانَت تحل للأنبياء سوى نَبينَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِم السَّلَام على مَا نبينه
وَكَذَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ قد سَأَلَ عِنْد الْحَاجة حَيْثُ قَالَ لوَاحِد من أَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم هَل عنْدك شئ نأكله وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للْقَوْم هَل عنْدكُمْ مَاء بَات فِي الشن وَإِلَّا كرعنا من الْوَادي كرعا وَسَأَلَ رجلا ذِرَاع شَاة وَقَالَ ناولني الذِّرَاع فِي حَدِيث فِيهِ طول فَلَو كَانَ فِي السُّؤَال عِنْد الْحَاجة ذلة لما فعله الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ذَلِك فقد كَانُوا أبعد النَّاس عَن اكْتِسَاب سَبَب الذل وَلِأَن مَا يسد بِهِ رمقه حق مُسْتَحقّ لَهُ فِي أَمْوَال النَّاس فَلَيْسَ فِي الْمُطَالبَة بِحَق مُسْتَحقّ لَهُ من معنى الذل شئ فَعَلَيهِ أَن يسْأَل
فَأَما إِذا كَانَ قَادِرًا على الْكسْب فَلَيْسَ ذَلِك بِحَق مُسْتَحقّ لَهُ وَإِنَّمَا