الرسول، ولكن كلمة العجز كانت تدل على أن لا خيار ثمة، وان الاضطرار هو القوة الداعية إلى التحول، وهون الرجل على نفسه مفارقة الأهل والوطن بأنه لا يفر لذنب اقترفه وإنما خلف " الوسائل المرعية والآثار الخالدة والسير الجميلة " وانه - أن فسح الله له في الآجل - يود العودة إلى وطنه.
ولم يفده الإلحاح على سلطانه بان يأذن له بالسفر فعمد إلى اصطناع جفاء يثير غضبه، والسلطان يعد ذلك إدلالا ويعتذر عما يفعله صاحبه. وعندئذ قرر لسان الدين أن يخفي أمر فراره، فاتصل بالسلطان المريني واخذ منه عهدا بالإقامة في كنفه، وبتمكينه من الحج والزيارة، واستأذن الغني بالله في تفقد الثغور " وسار إليها في لمة من فرسانه، وكان معه ابنه علي الذي كان خالصة للسلطان، وذهب لطيته فلما حاذى جبل الفتح، فرضة المجاز إلى العدوة مال إليه، وسرح أذنه بين يديه فخرج قائد الجبل لتلقيه، وقد كان السلطان عبد العزيز أوعز إليه بذلك وجهز له الأسطول من حينه، فأجاز إلى سبتة وتلقاه ولاتها بأنواع التكرمة وامتثال المراسم " (?) . وقد عيره أعداؤه من بعد بفراره وبهذه الخدعة التي اختارها، فقال القاضي النباهي في رده عليه: " ثم وريتم بتفقد ثغر الجزيرة الخضراء، مكرا منكم، فلما بلغتم ارض الجبل انحرفتم عن الجادة وهربتم بأثقالكم الهروب الذي أنكره عليكم من بلغه حديثكم - أو يبلغه إلى آخر الدهر - في العدوتين من مؤمن وكافر وبر وفاجر " (?) .
أما بقية التهم التي وجهها النباهي إلى ابن الخطيب فتتلخص في إخلاد