{مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ}: كلام مستأنف.

{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}:

قوله عز وجل: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} (أذىً): نصب على الاستثناء، وهو خَلَف عن مصدر يضروكم، كأنه قيل: لن يضروكم إلا ضَرَرًا يسيرًا، وهو الاقتصار على أذىً بقولٍ مِنْ طَعْنٍ في الدين، أو تهديدٍ، أو شبههما، فالاستثناء على هذا متصل. وقيل: منقطع، أي: لن يضروكم البتة، ثم قال: إلا أذى، أي: لكنهم يؤذونكم بما تسمعونه منهم (?).

وقو له: {يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ}. (يولوكم): جواب الشرط. {الْأَدْبَارَ}: مفعول ثانٍ له، والكاف والميم أول.

ثم قال منصرفًا عن حكم الجزاء إلى حكم الإِخبار مستأنِفًا: {ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} على معنى: أن نفي النصر وَعْدٌ مطلق منه تعالى قاتَلوا أو لم يقاتِلوا، ولو حمل على العطف لِيجرِي على شكل الأول في الجزاء لكان نفي النصر مقيدًا بمقاتلتهم كتولية الأدبار، فاعرف الفرقان بينهما من جهة المعنى، وهو مع ذلك عطفُ جملة على جملة، كأنه قيل: أخبركم أنهم إن يقاتلوكم يجعلوا ظهورهم تليكم، وهو كناية عن الهزيمة، ثم أُخبركم أنهم لا ينصرون.

وعن بعضهم: إنما عُدِلَ به وصرف عن حكم الشرط، لأن جواب الشرط يقع عَقِيبَ المشروط، والمعطوف على الجواب كالجواب، و {ثُمَّ} للتراخي (?). ويُنادِي على ضَعفِ هذا القول، قوله عز وجل: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} (?). قيل: وإنما معنى التراخي في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015