{ثُمَّ} هنا في المرتبة؛ لأن الإِخبار بتسليط الخِذلان عليهم أعظم من الإِخبار بتوليتهم الأدبار (?).
{ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)}:
قوله عز وجل: {إِلَّا بِحَبْلٍ} قال الزمخشري: {حَبْلٍ} في محل النصب على الحال، بتقدير: إلا معتصمين، أو متمسكين، أو ملتبسين بحبل من الله، وهو استثناء من أعم عام الأحوال، والمعنى: ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلّا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس، بمعنى (?): ذمة الله وذمة المسلمين، أي: لا عز لهم قط إلا هذه الواحدة، وهي التجاؤهم إلى الذمة لما قبلوه من الجزية، انتهى كلامه (?).
وقوله: {مِنَ اللَّهِ} في موضع جر على النعت لحبل، وكذا {مِنَ اللَّهِ} في قوله: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} في موضع جر أيضًا على الصفة لغضب.
{ذَلِكَ}: مبتدأ، وخبره {بِأَنَّهُمْ}، والإِشارة إلى ما ذكر من ضرب الذلة والمسكنة والبَوَاءِ بغضب الله، أي: ذلك ثابت أو كائن بسبب كفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء، ثم قال: {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} (ذلك) مبتدأ، وخبره {بِمَا عَصَوْا} و (ما) مصدرية، أي: ذلك كائن بسبب عصيانهم لله واعتدائهم لحدوده، وأعيدت {ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا} توكيدًا للأولى، والحكم فيهما واحد.
{لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ